وقد حاول الاستعمار الغربي في العالم العربي أن يحقق شيئاً من هذا القبيل مع أعضاء الأقليات الدينية والإثنية، فحاول استقطابهم وتحويلهم إلى جماعات وظيفية عميلة تدين له بالولاء. فقامت جماعة الأليانس بنشر اللغة والثقافة الفرنسيتين بين أعضاء الجماعات اليهودية في العالم العربي، في مصر والجزائر وفي غيرهما من البلدان، كما أُتيحت لهم فرصة الحصول على الجنسيات الأوربية ومن ثم الاستفادة من المزايا الممنوحة للأجانب. ويمكننا أن ننظر لهذه العملية باعتبارها عملية مُكمِّلة للاستعمار الاستيطاني الغربي الذي وصل إلى قمته في تأسيس الدولة الصهيونية في فلسطين والجيب الاستيطاني في الجزائر. والاستعمار الاستيطاني هو وصول عنصر سكاني غريب يغرس نفسه غرساً في البلد المستعمر ويدين بالولاء للوطن الأم ويرتبط به ثقافياً ويدين له بالولاء ويدافع عن مصالحه. وهذه العملية لا تختلف عن ذلك كثيراً، ولكن بدلاً من استيراد عنصر بشري غريب يقوم الاستعمار بالبحث عن عنصر بشري محلي فيغويه ويستوعبه ويُحوِّله إلى عنصر غريب عميل يرتبط ثقافياً به ويدين له بالولاء ويدافع عن مصالحه. وقد نجح الاستعمار نجاحاً كبيراً حتى أن معظم يهود العالم العربي، عند إنشاء الدولة الصهيونية، كانوا قد أصبحوا (ثقافياً واقتصادياً) جزءاً من التشكيل الاستعماري الغربي، وحصلت أعداد كبيرة منهم على الجنسيات الأوربية (كل يهود الجزائر ومعظم يهود تونس والمغرب وأكثر من نصف يهود مصر ... وهكذا) ، أي أنهم تحولوا إلى جماعة وظيفية عميلة، ومن ثم كان من السهل عليهم الهجرة والانضمام إلى الدولة الوظيفية الاستيطانية والقتالية في إسرائيل.