ونحن نذهب إلى أن مثل هذه الحلول غير ممكنة داخل الإطار الصهيوني، الاستيطاني/الإحلالي، فهو إطار يُولِّد الصراع بطبيعته لأنه من ناحية، ينكر حقوق الفلسطينيين الذين طردوا من بلادهم، ومن ناحية أخرى يؤكد حق "يهود العالم" في الأرض الفلسطينية. والحل الوحيد الممكن يقع خارج هذا الإطار، حين يقوم أعضاء التجمُّع الاستيطاني الصهيوني بنزع الصبغة الصهيونية الاستيطانية/الإحلالية عن الدولة الصهيونية.
وحل المسألة الإسرائيلية يمكن أن يأخذ شكلين متناقضين، ففى حالة ممالك الفرنجة (الممالك الصليبية فى المصطلح الغربى) فى فلسطين وحولها، تم تصفية هذه الممالك بالقوة العسكرية ورحل أهلها إلى بلادهم (بعد أن مكثوا حوالى قرنين من الزمان) . ولكن هناك أيضا الحل السلمى، ففى الجزائر، بعد ثورة الميلون شهيد، ظهرت حكومة قومية من سكان البلد الأصيلين وأعطت المستوطنين الفرنسين حق البقاء والمواطنة والإسهام فى بناء الوطن الجديد (ولكنهم آثروا العودة إلى بلدهم الأصلى، أى فرنسا) . وهناك كذلك الحل الذى تطرحه جنوب أفريقيا، إذ تم تصفية الجيب الاستيطانى العنصرى دون تصفية جسدية للعناصر البيضاء ذات الأصول الغربية التى كانت تهيمن على النظام القديم وتحافظ على بنية الاستغلال العنصرية وتستفيد منها. ثم عُرض على أعضاء هذه الكتلة البشرية البيضاء أن يندمجوا فى النظام العادل الجديد، المبنى على المساواة بين الأجناس، وأن يتعاونوا معه حتى يمكن الاستفادة منهم ومن خبراتهم. وهذا ما فعله معظمهم. وليس هناك ما يمنع من تطبيق نموذج جنوب أفريقيا فى الانتقال السلمى من حالة الحرب والظلم إلى حاله السلم والعدل فى فلسطين المحتلة، فهو حل لا يستبعد أحدًا ويعطى كل ذى حق حقه. وقرارات هيئة الأمم المتحدة المختلفة (الخاصة بحق الفلسطينين فى العودة إلى وطنهم ورفض ضم الأراضى بالقوة) تصلح كإطار دولى قانونى أخلاقى لحل المشكلة، وهو إطار تقبل به الجماعة الدولية