الدكتور سلمان أبو سنة الخبير الفلسطيني البارز عكف على دراسة الموضوع طيلة السنوات العشر الماضية، وخرج بنتيجة خلاصتها أن عودة جميع اللاجئين المنفيين إلى أوطانهم ليست حقاً قانونياً وشرعياً فقط لكنها ممكنة أيضاً.
وهو يشرح النتيجة التي انتهى إليها. فهو يشير إلى أن إسرائيل مُقسَّمة إلى ٣٦ إقليماً طبيعياً، وطبقاً لإحصاء عام ١٩٩٤ فإن عدد السكان اليهود في إسرائيل ٤ ملايين و٤٢٠ ألفاً، بينما عدد العرب الفلسطينيين مليون و٣٩ ألفاً.
عند مراجعة بيانات توزيع السكان، من واقع الأرقام الرسمية الإسرائيلية، تبيَّن أن ٨٠% من اليهود يعيشون في عشرة أقاليم فقط من بين الـ ٣٦ إقليماً في البلاد، أي أن هؤلاء يقيمون على ١٢% فقط من مساحة إسرائيل الراهنة، التي تعادل ٤٥٨.٢ كيلو متراً مربعاً.
والملاحظة المثيرة هنا أن هذه المساحة تزيد بمقدار ٨٤١ كيلو متراً مربعاً فقط عن مساحة الأراضي التي كان اليهود يمتلكونها أيام الانتداب البريطاني!
هذه المقارنة تكشف أمرين: الأول أن نمط معيشة أعضاء الجماعات اليهودية في الجيتو والالتصاق والتجمُّع لم يتغيَّر، رغم توافر مساحة كبيرة من الأراضي المحتلة. أما الأمر الثاني فهو أن أعضاء الجماعات اليهودية بعد أن أقاموا دولة ظلوا يعملون في المهن التقليدية التي يضطلع بها أعضاء الجماعات اليهودية مثل المال والتجارة والصناعة الدقيقة، وقلة منهم غيَّرت نمط حياتها وأقبلت على الزراعة في مجتمع ريفي.
على العكس من ذلك فإن الفلسطينيين يعيشون في ٢٦ إقليماً من الـ ٣٦، وتتفاوت نسبتهم من مكان إلى آخر، حتى تصل إلى ٣٠% من سكان ١٧ إقليماً. وقد ساعد على انتشارهم طبيعتهم الزراعية بالدرجة الأولى، فضلاً عن أن الحكم العسكري الذي طُبِّق عليهم في الفترة بين عامي ٤٨ و١٩٦٧، منعهم من الانتقال إلى المناطق المكتظة بالمستوطنين الصهاينة.