للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يختلف موقف المسيحيين العرب كثيراً عن موقف أقباط مصر، فهم أيضاً مواطنون أصليون لم يُستجلَبوا من الخارج وليس لهم وطن قومي آخر ولا يحنون إلى صهيون بعيدة أو في آخر الزمان. فعلى سبيل المثال، كانت قبائل الغساسنة في الشام قبل الفتح الإسلامي، تتحدث العربية الفصحى وكان لها قبل الفتح الإسلامي وبعده شعراؤها وأدباؤها الذين ساهموا في هذا الفتح وساندوه. وقد استمرت هذه القبائل في نمط حياتها، ولم ينقطع الإبداع الحضاري لأبنائها قط لأن الحضارة الإسلامية لم تفرض عليهم وظيفة متميِّزة أو مشينة ولم تحوسلهم بأي شكل كان. ولا شك في أن مفهوم أهل الذمة حدَّد وضعهم منذ البداية وحدَّد أن لهم كل الحقوق وعليهم كل الواجبات إلا فريضة الجهاد باعتبارها فريضة دينية، وقد أُعفوا منها نظير البدل العسكري أو الجزية. والنظام القيمي عند المسيحيين العرب المُستمَد من الدين المسيحي، لا يعاني من أية ازدواجية، ويُلاحَظ أن معظم المسيحيين العرب من الأرثوذكس وأقلية منهم كاثوليك، كما أن إرساليات التبشير البروتستانتية لم تنجح كثيراً في تجنيد أعداد كبيرة منهم، وكل هذا يدل على أن هويتهم المسيحية العربية قوية. والكثافة السكانية للمسيحيين العرب كبيرة، ولذا كان بوسعهم أن ُيمثَّلوا في كل درجات الهرم الإنتاجي، كما أنهم لا يعيشون محميين ومعزولين داخل جيتو مقصور عليهم وإنما يعيشون مع أعضاء الأغلبية يحتكون بهم في كل المجالات ويعيشون معهم في السراء والضراء وبالقدر الإنساني المعقول من الحب والكره.

الدولة الوظيفية

يمكن إعادة إنتاج نمط الجماعة الوظيفية على مستوى الدولة في أشكال مختلفة:

<<  <  ج: ص:  >  >>