أ) يُلاحَظ أن العلاقة بين أعضاء الجماعة الوظيفية والمجتمع المضيف علاقة نفعية واحدية واضحة صلبة مُصمَتة مادية ليست مركبة أو متعددة الأبعاد لا تتسم بأي إبهام، فهى علاقة تبادُل بسيطة بين الطرفين يُفتَرض أن هدفها واضح، وتحدِّدها شروط مسبقة واضحة مفهومة تماماً للطرفين (بشكل واع أو غير واع) . وما يضمن استمرار العلاقة هو استمرار المنفعة، فأعضاء الجماعة الوظيفية هم مصدر نفع وحسب بالنسبة لمجتمع الأغلبية، والمجتمع المضيف هو مصدر رزق وحسب بالنسبة لأعضاء الجماعة الوظيفية، فإن انتفت المنفعة توقفت العلاقة تماماً لأنها تصبح بغير أساس. وإذا كان عضو الجماعة الوظيفية مرتبطاً بقطاع اللذة في المجتمع (الرقص ـ البغاء ـ التمثيل) ، فإن منفعته هي ما يقدمه من ترفيه ولذة.
ب) ويمكن القول بأن كل الجماعات الوظيفية "تبيع" للمجتمع المضيف شيئاً ما لا يمكن الحصول عليه إلا من خلالها، فعضو الجماعات الوظيفية القتالية يبيع للمجتمع مقدرته العسكرية وجسده، والشيء نفسه يُقال عن أعضاء الجماعة الاستيطانية الذين يبيعون للمجتمع أجسادهم وخبراتهم ومقدرتهم على الريادة. ومن هنا، فإن العلاقة الأساسية بين المجتمع وعضو الجماعة الوظيفية تشبه علاقة البائع بالمشتري. وعضو الجماعات الوظيفية هو حقاً الإنسان الاقتصادي (والإنسان الجسماني) الذي اكتشفه الفكر العلماني الغربي فيما بعد. بل إن عضو المجتمع المضيف يصبح هو نفسه إنساناً اقتصادياً وجسمانياً حين يدخل في علاقة مع أعضاء الجماعة الوظيفية.