جـ) العلاقة بين أعضاء الجماعة الوظيفية والمجتمع المضيف علاقة برانية (إمبريالية) ، بمعنى أن كل طرف فيها ينظر إلى الآخر من الخارج باعتباره موضوعاً مجرداً، ودوراً يُلعب، ووظيفة تُؤدَّى، ومادة نافعة يتم التعامل معها بمقدار نفعها، وشيئاً مباحاً يُستَغل ويُسخَّر ويُقهَر، وأداة تُستخدَم، ومادة محايدة لا قداسة لها ولا حرمة تُوظَّف وُتحوسَل. ويرى كل طرف الآخر باعتباره وسيلة لا غاية. (ويقف هذا على الطرف النقيض من العلاقات الإنسانية التراحمية حيث ينظر الإنسان إلى الآخر ذاتاً مُتعيِّنة لها قيمة في ذاتها وتتمتع بالقداسة وتقع داخل منطقة المحرَّم، ولذا فالرؤية جوانية) .
د) ومن هنا، تتسم العلاقة بين أعضاء الجماعات الوظيفية والمجتمع المضيف بالحياد والبرود والعقلانية والتجرد، لا بالدفء والتراحم، فهى علاقة رشيدة تماماً (في الإطار المادي) تم حسابها من منظور الربح والخسارة، والعرض والطلب، دون أن تشوبها أية شوائب عاطفية أو أخلاقية.
هـ) قد يكون من المفيد، من الناحية التحليلية، أن ننظر إلى عضو الجماعة الوظيفية لا باعتباره بشراً مُتعيِّناً، موضعاً للحب والكره، وإنما باعتباره وضعاً اقتصادياً محضاً ومجرد وظيفة، أو ربما كأداة إنتاج أو أداة فتك أو استثمار. ويجري تعريف عضو الجماعة الوظيفية من خلال الوظيفة التي يضطلع بها وحسب، فيُرَدُّ إلى الوظيفة تماماً خارج أية صفات إنسانية، خاصة أو عامة. وهو على كلٍّ أمر مُفترَض من البداية حينما يقبل عضو الجماعات الوظيفية أن يبيع بدنه وذاته.
٢ ـ العزلة والغربة والعجز والالتصاق بالنخبة الحاكمة: