للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يمكن أن نصنف العاملين الأجانب في دول الخليج (ممن يُسمَون «المتعاقدين» ) من العرب وغير العرب، المسلمين وغير المسلمين، كجماعات وظيفية من المتعاقدين الغرباء والمقيمين الدائمين والمؤقتين، يحرص المجتمع على عزلهم والاحتفاظ بهم على مسافة تختلف طولاً وعمقاً باختلاف المجتمع ووظيفة المتعاقد. فإن كان المتعاقد في أعلى السلم الاجتماعي والوظيفي، حاول المجتمع أن يختزل المسافة، ولكنه مع هذا يبقيه خارج المجتمع. ومما يساعد على ذلك أن المتعاقد نفسه يحاول الاحتفاظ بالمسافة ويبرز انتماءه الإثني الأصلي. أما إذا كان المتعاقد في أدنى السلم، فإن المجتمع يجعل المسافة أطول والثغرة أعمق، ويكون هذا عن طريق الأزياء فيرتدي عمال النظافة مثلاً زياً رسمياً ملوناً خاصاً بهم، ويصر سكان الخليج بدورهم على ارتداء الزي العربي التقليدي في بلادهم فهو يحقق المسافة بينهم وبين المتعاقدين العرب الذين يرتدون الزي الغربي (المصريون مثلاً) أو يرتدون الأزياء الخاصة بهم (السودانيون مثلاً) . كما يتم العزل عن طريق المناطق السكنية، فيُوطَّن عمال النظافة الآسيويون في معسكرات (جيتوات فقيرة) أما أساتذة الجامعة مثلاً، فيُوطَّنون في مساكن خاصة (جيتوات فاخرة) . وهناك رموز أخرى عديدة للإبقاء على المسافة، من بينها اللغة وأرقام السيارات وطريقة تَناوُّل الطعام ونوعه والإصرار على وجود " كفيل" خليجي حتى تظل المسافة واضحة، فالكفيل يوجد عادةً في قمة المجتمع أما المكفول فيعيش في أسفله.

<<  <  ج: ص:  >  >>