ويُلاحَظ أن المسافة في المملكة العربية السعودية أقل حدة بسبب إقامة الصلوات في مواقيتها إذ يفرض هذا جواً من التراحم والتساوي بين الجميع بشكل يتجاوز ما يمكن أن تفرضه الآليات الاجتماعية غير الواعية. هذا على عكس الوضع في الكويت، على سبيل المثال، حيث تأخذ عملية العزل شكلاً أكثر حدة وضراوة بسبب تَصاعُد معدلات العلمنة في المجتمع. كما أن صغَر عدد السكان عادةً ما يزيد مخاوف أعضاء المجتمع المضيف من أن يكتسحهم المتعاقدون وأن يقوضوا هويتهم ويصبحوا جزءاً لا يتجزأ من مجتمعهم.
٣ ـ قطاع اللذة:
وقطاع اللذة شكل جديد من أشكال الجماعات الوظيفية في العصر الحديث وهو جزء من قطاع تزجية أوقات الفراغ. ولفهم وضع هذه الجماعات، لابد أن نشير إلى أن النموذج العلماني للمجتمع يدور حول مفهومين أساسيين هما المنفعة واللذة، ولكن المفهومين متداخلان منذ البداية إذ أن ما يُدخل اللذة على أكبر عدد ممكن من الناس يُعدُّ خيِّراً ونافعاً. بل إن المنفعة واللذة يكادان يكونان مترادفين لأن كليهما عُرِّف داخل إطار المرجعية المادية. ومع هذا، يبدو أن جانب المنفعة العملية هو الذي ساد في الفترة التقشفية التراكمية الرأسمالية حتى نهاية القرن التاسع عشر، ثم بدأ جانب اللذة يسود بالتدريج في الفترة الاستهلاكية أو الفردوسية، إلى أن أصبح مفهوماً أساسياً وهدفاً أسمى للإنسان في المجتمعات العلمانية. وقد عُرِّفت اللذة بشكل حسي إلى أن أصبح العنصر الجنسي تدريجياً أساساً فيها.