وفي مجموعة المداخل التي تلي هذا المدخل سنتناول سيَر بعض مشاهير اليهود ممن شغلوا مواقع مهمة تجعلهم في موضع التأثير في صنع القرار (ابتداءً من بيرنيكي عشيقة الإمبراطور تيتوس وانتهاءً بكيسنجر وزير خارجية الولايات المتحدة) . وسنحاول أن نُبيِّن أن سلوكهم السياسي وغير السياسي (في معظم الأحيان) لم تكن تحكمه المصالح اليهودية وإنما مجموعة من العناصر الأخرى المرتبطة عادةً بمصالح الدولة التي ينتمي لها عضو الجماعة اليهودية.
بيرنيكي (٣٢م-؟)
Berenice
«بيرنيكي» اسم يوناني معناه «حاملة النصر» ، وتُنطَق «بيرنيس» في اللغات الأوربية الحديثة. وهي حفيدة أخت هيرود الأعظم «ملك اليهود» وابنة أجريبا الأول. وُلدت عام ٣٣ ميلادية، وكانت مشهورة بجمالها وبتعدد أزواجها وعشاقها. تزوَّجت وهى بعد في الثالثة عشرة من ماركوس، ابن ألكسندر ليسيماخوس كبير موظفي (ألبارخ) الإسكندرية. وبعد موته، تزوَّجت عمها شقيق أبيها هيرود حاكم كالخيس. وبعد موت هذا الأخير، عاشت مع أخيها أجريبا الثاني. وقد انتشرت الشائعات بين الرومان أنها كانت على علاقة آثمة بأخيها هذا. ويُلاحَظ أن الجماع بالمحارم في فترة انحلال الإمبراطورية الرومانية لم يكن أمراً غريباً بين أعضاء الأرستقراطية التي كانت تنتمي إليها بيرنيكي وأخوها. وربما لإسكات الشائعات، ونظراً لغيرتها من أختها دروسيلا التي تزوجت من ملك، أقنعت بيرنيكي بوليمون الثاني ملك كليكيه بأن يتهود ويتختن ويتزوجها فتزوجها في عام ٦٩م. ولكن بيرنيكي لم تكن على مستوى عال من الأخلاق أو الوفاء الزوجي الأمر الذي أثار اشمئزاز بوليمون منها ومن عقيدتها فطلَّقها. وعادت بيرنيكي لتعيش مع أخيها، ووقفت إلى جواره في محاولته تهدئة الجماهير اليهودية الحانقة مع بدايات التمرد اليهودي الأول (٦٦ ـ ٧٠م) ، ولكن الجماهير أضرمت النار في قصرها.