للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومع سقوط القدس في يد المتمردين، فرَّت بيرنيكي إلى الإسكندرية عند أقاربها (تايبريوس يوليوس ألكسندر ابن عم فيلون السكندري، وغيره) . وهناك، قابلت الجنرال تيتوس ابن الإمبراطور فسبسيان الذي كان يُعدُّ حملته لقمع التمرد اليهودي الأول وأصبحت عشيقته، وأعلن هو عن حبه لها وكان عمرها (حينذاك) تسعة وثلاثين عاماً. وقد صاحبته هي وأخوها أجريبا الثاني (الذي كان يقود جيشاً يهودياً صغيراً) أثناء حملته التي انتهت بسقوط القدس وتحطيم الهيكل. وحين عاد تيتوس إلى روما، انضمت إليه هناك عام ٧٥م، واستمرا في علاقتهما، بل وكان يشار إليها باعتبارها «زوجة تيتوس» . ويبدو أنه كان على وشك الزواج منها بالفعل، ولكن الأرستقراطية الرومانية عارضت ذلك. وحينما عادت بيرنيكي إلى روما مرة أخرى عام ٧٩م، بعد أن أصبح تيتوس إمبراطوراً، وبعد أن بلغت هي الخمسين، تجاهلها عشيقها السابق، فعادت أدراجها إلى فلسطين حيث لم يُسمع عنها شيء بعد ذلك التاريخ.

ووجود بيرنيكي اليهودية (وجيش أخيها) إلى جوار تيتوس أثناء حملته على القدس لهدم الهيكل لم يُغيِّر شيئاً في خطته العسكرية التي كانت تمليها الاعتبارات الإستراتيجية الكبرى للإمبراطورية الرومانية. ربما لو كان تيتوس قد عدل عن تحطيم الهيكل في آخر لحظة (لاعتبارات خاصة بمصالح الإمبراطورية الرومانية) لانقض على هذه الواقعة أصحاب النماذج الاختزالية وتحدثوا عن نفوذ المرأة اليهودية، وكيف أن اليهود يستخدمون الجنس في تنفيذ مخططاتهم. بل ولأضافوا أن بيرنيكي، صاحبة الاسم اليوناني والسلوك الوثني والرؤية المنحلة، ظلت مع هذا يهودية تخدم المصالح اليهودية، وهو ما يدل (حسب رأيهم) على أن وظيفة اليهود ثابتة عبر الزمان والمكان. ولا تتحدث المراجع الصهيونية عن عبقرية بيرنيكي اليهودية في اصطياد الرجال بخاصة من فئة الملوك وقواد الجيوش.

<<  <  ج: ص:  >  >>