أَوْ إذَا مَا شِئْت فَرَدَّتْ الْأَمْرَ لَا يَرْتَدُّ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ وَلَا تُطَلِّقُ) نَفْسَهَا (إلَّا وَاحِدَةً) لِأَنَّهَا تَعُمُّ الْأَزْمَانَ لَا الْأَفْعَالَ فَتَمْلِكُ التَّطْلِيقَ فِي كُلِّ زَمَانٍ لَا تَطْلِيقَ بَعْدَ تَطْلِيقٍ (وَلَهَا تَفْرِيقُ الثَّلَاثِ فِي كُلَّمَا شِئْت وَلَا تَجْمَعُ) وَلَا تُثَنِّي
ــ
[رد المحتار]
لِأَنَّ الْكُفْرَ يَبْتَنِي عَلَى تَبَدُّلِ الِاعْتِقَادِ وَتَبَدُّلُهُ غَيْرُ وَاقِعٍ مَعَ ذَلِكَ الْفِعْلِ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ فَرَدَّتْ الْأَمْرَ) بِأَنْ قَالَتْ لَا أَشَاءُ نَهْرٌ (قَوْلُهُ لَا يَرْتَدُّ) فَلَهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ تَشَاءَ لِأَنَّهُ لَمْ يُمَلِّكْهَا فِي الْحَالِ شَيْئًا بَلْ أَضَافَهُ إلَى وَقْتِ مَشِيئَتِهَا فَلَا يَكُونُ تَمْلِيكًا قَبْلَهُ فَلَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ
وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ لَيْسَ تَمْلِيكًا فِي حَالٍ أَصْلًا بَلْ هُوَ تَعْلِيقٌ لِلطَّلَاقِ عَلَى مَشِيئَتِهَا وَقَوْلُهَا طَلَّقْت إيجَادٌ لِلشَّرْطِ الَّذِي هُوَ مَشِيئَتُهَا، وَلَيْسَ الْوَاقِعُ إلَّا طَلَاقَهُ الْمُعَلَّقَ، نَعَمْ هَذَا صَحِيحٌ فِي قَوْلِهِ طَلِّقِي نَفْسَكِ إنْ شِئْتِ فَتْحٌ
وَأَجَابَ فِي الْبَحْرِ بِمَا فِي الْمُحِيطِ مِنْ أَنَّهُ يَتَضَمَّنُ مَعْنَى التَّعْلِيقِ وَهُوَ لَازِمٌ لَا يَقْبَلُ الْإِبْطَالَ وَمَعْنَى التَّمْلِيكِ. لِأَنَّ الْمَالِكَ هُوَ الَّذِي يَتَصَرَّفُ عَنْ مَشِيئَتِهِ وَإِرَادَتِهِ وَهِيَ عَامِلَةٌ فِي التَّطْلِيقِ لِنَفْسِهَا وَالْمَالِكُ هُوَ الَّذِي يَعْمَلُ لِنَفْسِهِ، وَجَوَابُ التَّمْلِيكِ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ
وَفِي الْجَامِعِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْتِ أَوْ أَحْبَبْتِ أَوْ هَوَيْتِ لَيْسَ بِيَمِينٍ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ مَعْنًى تَعْلِيقٌ صُورَةً، وَلِهَذَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ وَالْعِبْرَةُ لِلْمَعْنَى دُونَ الصُّورَةِ اهـ وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ لَا يَحْلِفُ اهـ. أَقُولُ: وَقَوْلُهُ وَجَوَابُ التَّمْلِيكِ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ خَاصٌّ بِمَا إذَا عَلَّقَ بِأَدَاةٍ لَا تُفِيدُ عُمُومَ الْوَقْتِ كَإِنْ وَكَيْفَ وَحَيْثُ وَكَمْ وَأَيْنَ بِخِلَافِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ وَهُوَ الْمَذْكُورُ هُنَا وَتَقَدَّمَ أَيْضًا أَوَّلَ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ) أَمَّا فِي كَلِمَةِ مَتَى وَمَتَى مَا فَلِأَنَّهَا لِلتَّوْقِيتِ وَهِيَ عَامَّةٌ فِي الْأَوْقَاتِ كُلِّهَا، كَأَنَّهُ قَالَ فِي أَيِّ وَقْتٍ شِئْتِ وَأَمَّا إذَا وَإِذَا فَكَمَتَى عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ الْإِمَامِ وَإِنْ كَانَتْ تُسْتَعْمَلُ لِلشَّرْطِ، فَكَمَا تُسْتَعْمَلُ لَهُ تُسْتَعْمَلُ لِلْوَقْتِ لَكِنَّ الْأَمْرَ صَارَ بِيَدِهَا فَلَا يَخْرُجُ بِالْقِيَامِ عَنْ الْمَجْلِسِ بِالشَّكِّ، نَعَمْ لَوْ قَالَ أَرَدْتُ مُجَرَّدَ الشَّرْطِ لَنَا أَنْ نَقُولَ يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ وَيَحْلِفُ لِنَفْيِ التُّهْمَةِ نَهْرٌ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا تَعُمُّ الْأَزْمَانَ) تَعْلِيلٌ لِعَدَمِ التَّقْيِيدِ بِالْمَجْلِسِ، كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ لَا الْأَفْعَالَ، عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَلَا تُطَلِّقُ إلَّا وَاحِدَةً ط.
(قَوْلُهُ لَا تَطْلِيقًا) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى التَّطْلِيقِ، وَفِي أَكْثَرِ النُّسَخِ لَا تَطْلِيقَ وَيُمْكِنُ تَأْوِيلُهُ بِجَعْلِ لَا نَافِيَةً لِلْجِنْسِ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ مَا قَبْلَهُ، وَالتَّقْدِيرُ: لَا تَطْلِيقَ بَعْدَ تَطْلِيقِ مَمْلُوكٍ لَهَا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلَا تَجْمَعُ وَلَا تُثَنِّي) عِبَارَةُ الْهِدَايَةِ: فَلَا تَمْلِكُ الْإِيقَاعَ جُمْلَةً وَجَمْعًا قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: قِيلَ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، وَقِيلَ الْجُمْلَةُ أَنْ تَقُولَ طَلَّقْتُ نَفْسِي ثَلَاثًا، وَالْجَمْعُ أَنْ تَقُولَ طَلَّقْتُ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ اهـ يَعْنِي فِي تَفْسِيرِ الْجَمْعِ، فَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى مَا فِي الدِّرَايَةِ حَيْثُ فَسَّرَ الْجَمْعَ بِأَنْ تَقُولَ طَلَّقْتُ وَطَلَّقْتُ وَطَلَّقْتُ قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، يَعْنِي كَوْنَهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ كَذَا فِي النَّهْرِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِالْجُمْلَةِ الثِّنْتَانِ وَبِالْجَمْعِ الثَّلَاثُ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ وَلَا تَجْمَعُ وَلَا تُثَنِّي إشَارَةً إلَى ذَلِكَ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا فِي الدِّرَايَةِ مِنْ تَفْسِيرِ الْجَمْعِ، بِأَنْ تَقُولَ طَلَّقْتُ وَطَلَّقْتُ وَطَلَّقْتُ وَأَنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُهُ، يُفِيدُ أَنَّ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ ثَلَاثًا مُتَفَرِّقَةً فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِلَيْهِ يُشِيرُ مَا فِي الْعِنَايَةِ أَيْضًا حَيْثُ فَسَّرَهُ بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَوَاحِدَةٍ وَوَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ جَمْعٌ لِاتِّحَادِ الْعَامِلِ، بِخِلَافِ مَا فِي الدِّرَايَةِ فَإِنَّهُ تَفْرِيقٌ لَا جَمْعٌ لِتَكْرَارِ الْفِعْلِ.
وَعَلَى هَذَا فَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ مِنْ قَوْلِهِ تُطَلِّقُ ثَلَاثًا مُتَفَرِّقَةً أَيْ فِي ثَلَاثَةِ مَجَالِسَ، فَلَا تُطَلِّقُ نَفْسَهَا فِي كُلِّ مَجْلِسٍ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ كُلَّمَا لِعُمُومِ الْأَفْرَادِ فَلَا تُطَلِّقُ ثَلَاثًا مُجْتَمَعَةً اهـ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِ الْأَصَحِّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ عَلَى الْمُجْتَمِعَةِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ فَلَا تُطَلِّقُ ثَلَاثَةً مُجْتَمِعَةً تَأَمَّلْ. وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: أَمْرُكِ بِيَدِكِ كُلَّمَا شِئْتِ فَلَهَا أَنْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا كُلَّمَا شَاءَتْ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَهُ حَتَّى تَبِينَ بِثَلَاثٍ إلَّا أَنَّهَا لَا تُطَلِّقُ نَفْسَهَا فِي دُفْعَةٍ وَاحِدَةٍ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ. اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute