كَوَالِدٍ وَوَلَدٍ (فَعَلَى وَلَدِهِ لِتَرَجُّحِهِ، ب «أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك» ) وَفِي الْخَانِيَّةِ: لَهُ أُمٌّ وَأَبُو أَبٍ فَكَإِرْثِهِمَا. وَفِي الْقُنْيَةِ: لَهُ أُمٌّ وَأَبُو أُمٍّ فَعَلَى الْأُمِّ، وَلَوْ لَهُ عَمٌّ وَأَبُو أُمٍّ فَعَلَى أَبِي الْأُمِّ. وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الْبَحْرِ بِقَوْلِهِمْ: لَهُ أُمٌّ وَعَمٌّ فَكَإِرْثِهِمَا. قَالَ: وَلَوْ لَهُ أُمٌّ وَعَمٌّ وَأَبُو أُمٍّ هَلْ تَلْزَمُ الْأُمُّ فَقَطْ أَمْ كَالْإِرْثِ؟ احْتِمَالُهُ.
ــ
[رد المحتار]
وَيَرِدُ عَلَى هَذَا مَا لَوْ كَانَ لَهُ ابْنٌ وَبِنْتٌ فَإِنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ وَالْجُزْئِيَّةِ مَعَ عَدَمِ الْمُرَجِّحِ وَالنَّفَقَةِ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ، وَكَذَا لَوْ لَهُ ابْنٌ نَصْرَانِيٌّ وَابْنٌ مُسْلِمٌ مَعَ أَنَّ الْمُسْلِمَ تَرَجَّحَ بِكَوْنِهِ هُوَ الْوَارِثُ، فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ قَوْلِهِمْ: وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ الْقُرْبُ وَالْجُزْئِيَّةُ لَا الْإِرْثُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ النَّفَقَةَ فُرُوعًا فَقَطْ أَوْ فُرُوعًا وَحَوَاشِيَ وَهُوَ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ، وَالثَّانِي مِنْ الْأَقْسَامِ السَّبْعَةِ الْمَارَّةِ. أَمَّا بَقِيَّةُ الْأَقْسَامِ فَيُعْتَبَرُ فِيهَا الْإِرْثُ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَارِّ فِيهَا. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ إلَخْ الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ إلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ نَفَقَةِ الْفُرُوعِ وَالْأُصُولِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْفَتْحِ وَمِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَالْبَحْرِ وَإِنْ كَانَ الْأَصْوَبُ إرْجَاعَهُ إلَى نَفَقَةِ الْأُصُولِ فَقَطْ أَيْ نَفَقَةِ الْأُصُولِ الْوَاجِبَةِ عَلَى الْفُرُوعِ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ عَدَمَ اعْتِبَارِ الْإِرْثِ عَلَى إطْلَاقِهِ خَاصٌّ بِهِمْ، لَكِنَّ الشَّارِحَ تَابَعَ صَاحِبَ الْفَتْحِ فِي إرْجَاعِهِ الضَّمِيرَ إلَى النَّوْعَيْنِ، فَلِذَا أَوْرَدَ مَسَائِلَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا بَعْضُهَا مِنْ نَفَقَةِ الْأُصُولِ الْوَاجِبَةِ عَلَى الْفُرُوعِ وَبَعْضُهَا مِنْ عَكْسِهِ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ لِتَرَجُّحِهِ بِ «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيك» ) أَيْ بِهَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَهُوَ مُؤَوَّلٌ لِلْقَطْعِ بِأَنَّ الْأَبَ يَرِثُ السُّدُسَ مِنْ وَلَدِهِ مَعَ وُجُودِ وَلَدِ الْوَالِدِ، فَلَوْ كَانَ الْكُلُّ مِلْكَهُ لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ شَيْءٌ مَعَهُ. قَالَ الرَّحْمَتِيُّ: وَيَنْبَغِي فِي جَدٍّ وَابْنِ ابْنٍ وُجُوبُ النَّفَقَةِ عَلَى ابْنِ الِابْنِ لِهَذَا الْمُرَجِّحِ، فَإِنَّهُمْ جَعَلُوهُ مُطَّرِدًا فِي جَمِيعِ الْأُصُولِ مَعَ الْفُرُوعِ، وَبَنَوْا عَلَيْهِ مَسَائِلَ: مِنْهَا أَنَّ الْجَدَّ إذَا ادَّعَى وَلَدِ أَمَةِ ابْنِ ابْنِهِ عِنْدَ فَقْدِ الِابْنِ صَحَّتْ دَعْوَاهُ وَيَتَمَلَّكُهَا بِالْقِيمَةِ كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي الْأَبِ لِهَذَا الْحَدِيثِ فَتَأَمَّلْ. اهـ. (قَوْلُهُ فَكَإِرْثِهِمَا) أَيْ ثَلَاثًا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَارِثٌ فَلَا يُرَجَّحُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ كَمَا مَرَّ فِي الْقِسْمِ الْخَامِسِ (قَوْلُهُ فَعَلَى الْأُمِّ) أَيْ لِكَوْنِهَا أَقْرَبَ مِنْ أَبِيهَا حَيْثُ كَانَ أَحَدُهُمَا وَارِثًا وَالْآخَرُ غَيْرَ وَارِثٍ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ فَعَلَى أَبِي الْأُمِّ) ؛ لِأَنَّ الْجُزْئِيَّةَ تُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهَا عِنْدَ عَدَمِ الْمُشَارَكَةِ فِي الْإِرْثِ (قَوْلُهُ وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الْبَحْرِ إلَخْ) أَصْلُ الْإِشْكَالِ لِصَاحِبِ الْقُنْيَةِ. وَجْهُهُ أَنَّ وُجُوبَهَا فِي أُمٍّ وَعَمٍّ كَإِرْثِهَا نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ فِي الْكِتَابِ، فَيَقْتَضِي جَعْلَ الْعَمِّ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا جُعِلَ أَبُو الْأُمِّ مُتَقَدِّمًا عَلَى الْعَمِّ، فَيَلْزَمُ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَيْضًا عَلَى الْأُمِّ لِمُسَاوَاتِهَا لِلْعَمِّ، فَيُشْكِلُ جَعْلُ النَّفَقَةِ عَلَى الْأُمِّ فِي مَسْأَلَةِ أُمٍّ وَأَبِي أُمٍّ، بَلْ الظَّاهِرُ جَعْلُهَا عَلَى أَبِي الْأُمِّ لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهَا، وَجَعْلُهَا عَلَى الْأُمِّ يَقْتَضِي تَقَدُّمَهَا عَلَى أَبِيهَا، وَيَلْزَمُ مِنْهُ تَقَدُّمُهَا عَلَى الْعَمِّ؛ لِأَنَّ أَبَاهَا مُتَقَدِّمٌ عَلَيْهِ فَكَيْفَ تَكُونُ عَلَيْهِمَا كَإِرْثِهِمَا أَفَادَهُ ط.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ الثَّلَاثَةَ مُتَنَاقِضَةٌ. وَأَقُولُ: لَا تَنَاقُضَ فِيهَا أَصْلًا، لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ الْإِرْثَ إنَّمَا لَا يُعْتَبَرُ فِي نَفَقَةِ الْأُصُولِ الْوَاجِبَةِ عَلَى الْفُرُوعِ، أَمَّا فِي غَيْرِهَا مِنْ نَفَقَةِ الْفُرُوعِ وَذَوِي الرَّحِمِ فَلَهُ اعْتِبَارٌ فِيهَا عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي قَرَّرْنَاهُ فِي الضَّابِطِ، وَحِينَئِذٍ فَمَا ذَكَرَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مِنْ تَقْدِيمِ الْأُمِّ عَلَى أَبِيهَا لِكَوْنِهَا أَقْرَبَ فِي الْجُزْئِيَّةِ مَعَ عَدَمِ الْمُشَارَكَةِ فِي الْإِرْثِ، وَبِذَلِكَ أَجَابَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ أَيْضًا فِي دَفْعِ الْإِشْكَالِ. وَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ تَقْدِيمِ أَبِي الْأُمِّ عَلَى الْعَمِّ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْجُزْئِيَّةِ مَعَ عَدَمِ الْمُشَارَكَةِ فِي الْإِرْثِ أَيْضًا. وَمَا ذَكَرَ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ كَوْنِهَا عَلَى قَدْرِ الْإِرْثِ لِوُجُودِ الْمُشَارَكَةِ فِي الْإِرْثِ، لِمَا قُلْنَا مِنْ اعْتِبَارِ الْمِيرَاثِ فِي غَيْرِ نَفَقَةِ الْأُصُولِ؛ فَحَيْثُ وُجِدَتْ الْمُشَارَكَةُ فِي الْإِرْثِ اُعْتُبِرَ قَدْرُ الْمِيرَاثِ، فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ جِهَةَ التَّقْدِيمِ فِي إيجَابِ النَّفَقَةِ أَوْ الْمُشَارَكَةِ فِيهَا مُخْتَلِفَةٌ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ فَلَا تَنَاقُضَ فِيهَا أَصْلًا فَافْهَمْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ قَالَ إلَخْ) أَيْ صَاحِبُ الْبَحْرِ، وَقَدْ نَقَلَهُ أَيْضًا عَنْ الْقُنْيَةِ حَيْثُ قَالَ فِيهَا وَيَتَفَرَّعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute