للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَ) تَجِبُ أَيْضًا (لِكُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ صَغِيرٍ أَوْ أُنْثَى) مُطْلَقًا (وَلَوْ) كَانَتْ الْأُنْثَى (بَالِغَةً) صَحِيحَةً (أَوْ) كَانَ الذَّكَرُ (بَالِغًا) لَكِنْ (عَاجِزًا) عَنْ الْكَسْبِ (بِنَحْوِ زَمَانَةٍ)

ــ

[رد المحتار]

مِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ فَرْعٌ أَشْكَلَ الْجَوَابُ فِيهِ. وَهُوَ مَا إذَا كَانَ لَهُ أُمٌّ وَعَمٌّ وَأَبُو أُمٍّ مُوسِرُونَ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَجِبَ عَلَى الْأُمِّ لَا غَيْرُ؛ لِأَنَّ أَبَا الْأُمِّ لَمَّا كَانَ أَوْلَى مِنْ الْعَمِّ وَالْأُمَّ أَوْلَى مِنْ أَبِيهَا كَانَتْ الْأُمُّ أَوْلَى مِنْ الْعَمِّ، لَكِنْ يُتْرَكُ جَوَابُ الْكِتَابِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ عَلَى الْأُمِّ وَالْعَمِّ أَثْلَاثًا. اهـ

قُلْت: وَوَجْهُهُ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي أَنَّهُ لَمَّا نَصَّ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ عَلَى وُجُوبِهَا عَلَى الْأُمِّ وَالْعَمِّ كَإِرْثِهِمَا أَيْ أَثْلَاثًا عُلِمَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْإِرْثُ هُنَا، فَحِينَئِذٍ يَسْقُطُ أَبُو الْأُمِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْمُشْكِلَةِ وَهُوَ الصَّوَابُ. وَبِهِ أَجَابَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ أَيْضًا فَقَالَ: إنَّ الظَّاهِرَ مِنْ فُرُوعِهِمْ أَنَّ الْأَقْرَبِيَّةَ إنَّمَا تُقَدَّمُ إذَا لَمْ يَكُونُوا وَارِثِينَ كُلُّهُمْ، فَأَمَّا إذَا كَانُوا كَذَلِكَ فَلَا كَالْأُمِّ وَالْعَمِّ وَالْجَدِّ لِقَوْلِهِمْ بِقَدْرِ الْإِرْثِ. اهـ وَبِذَلِكَ أَجَابَ أَيْضًا شَيْخُ مَشَايِخِنَا السَّائِحَانِيُّ وَفَقِيهُ عَصْرِهِ شَيْخُ مَشَايِخِنَا مُنْلَا عَلِيٍّ التُّرْكُمَانِيِّ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الضَّابِطِ فِي قِسْمِ اجْتِمَاعِ الْأُصُولِ مَعَ الْحَوَاشِي، وَقَدْ نَبَّهْنَا عَلَى سُقُوطِ الْإِشْكَالِ هُنَاكَ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ وَتَجِبُ أَيْضًا إلَخْ) شُرُوعٌ فِي نَفَقَةِ قَرَابَةِ غَيْرِ الْوِلَادِ، وُجُوبُهَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا، حَتَّى لَوْ ظَفِرَ أَحَدُهُمْ بِجِنْسِ حَقِّهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا لَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ، بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ وَالْأَبَوَيْنِ فَإِنَّ لَهُمْ الْأَخْذَ قَبْلَ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْقَاضِيَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ بَلْ الْوُجُوبُ ثَابِتٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى - {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: ٢٣٣]- وَأُجِيبَ بِأَنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ الْمَحْرَمِ فِيهَا اخْتِلَافُ الْمُجْتَهِدِينَ بِخِلَافِ الزَّوْجِيَّةِ وَالْوِلَادِ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْخِلَافِيَّاتِ يُعْمَلُ فِيهَا بِدُونِ الْقَضَاءِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إذَا قَوِيَ قَوْلُ الْمُخَالِفِ رُوعِيَ خِلَافُهُ وَاسْتُعِينَ بِالْحُكْمِ كَالرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ وَخِيَارِ الْبُلُوغِ. وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ الْوُجُوبَ ثَابِتٌ قَبْلَ الْحُكْمِ، وَإِنَّمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وُجُوبُ الْأَدَاءِ، فَقَدْ يَجِبُ الشَّيْءُ وَلَا يَجِبُ أَدَاؤُهُ كَدَيْنٍ عَلَى مُعْسِرٍ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ الْوُجُوبُ لَجَازَ أَخْذُ الْقَرِيبِ بِمَا ظَفِرَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ. وَأُجِيبَ بِمَنْعِ اللُّزُومِ لِوُقُوعِ الشُّبْهَةِ بِالِاخْتِلَافِ فِي بَابِ الْحُرْمَةِ فَنُزِّلَتْ مَنْزِلَةَ الْيَقِينِ خُصُوصًا فِي الْأَمْوَالِ، وَبِالْقَضَاءِ تَرْتَفِعُ الشُّبْهَةُ، وَلَهُ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ وَبَسْطُ ذَلِكَ فِي الْبَحْرِ وَفِيمَا عَلَّقْنَاهُ عَلَيْهِ.

مَطْلَبٌ فِي نَفَقَةِ قَرَابَةٍ غَيْرِ الْوِلَادِ مِنْ الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ (قَوْلُهُ لِكُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ) خَرَجَ بِالْأَوَّلِ الْأَخُ رَضَاعًا، وَبِالثَّانِي ابْنُ الْعَمِّ، وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْمَحْرَمِيَّةِ بِجِهَةِ الْقَرَابَةِ. فَخَرَجَ ابْنُ الْعَمِّ إذَا كَانَ أَخًا مِنْ الرَّضَاعِ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَأَطْلَقَ فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ فَشَمِلَ الصَّغِيرَ الْغَنِيَّ وَالصَّغِيرَةَ الْغَنِيَّةَ فَيُؤْمَرُ الْوَصِيُّ بِدَفْعِ نَفَقَةِ قَرِيبِهِمَا الْمَحْرَمِ بِشَرْطِهِ كَذَا فِي أَنْفَعْ الْوَسَائِلِ بَحْرٌ. ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلِكُلِّ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِأُصُولِهِ أَيْ أُصُولِ الْمُوسِرِ، فَأَفَادَ اشْتِرَاطَ الْيَسَارِ فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ هُنَا أَيْضًا، إذْ لَا تَجِبُ عَلَى فَقِيرٍ إلَّا لِلزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ الصَّغِيرِ كَمَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ. وَفِي تَفْسِيرِ الْيَسَارِ الْخِلَافُ الْمَارُّ.

(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) قَيْدٌ لِلْأُنْثَى: أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ بَالِغَةً أَوْ صَغِيرَةً صَحِيحَةً أَوْ زَمِنَةً كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ كَانَتْ إلَخْ، وَالْمُرَادُ بِالصَّحِيحَةِ، الْقَادِرَةُ عَلَى الْكَسْبِ، لَكِنْ لَوْ كَانَتْ مُكْتَسِبَةً بِالْفِعْلِ كَالْقَابِلَةِ وَالْمُغَسِّلَةِ لَا نَفَقَةَ لَهَا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ الذَّكَرُ بَالِغًا) لَا يَصِحُّ دُخُولُهُ تَحْتَ الْمُبَالَغَةِ بَعْدَ تَقْيِيدِهِ بِقَوْلِهِ صَغِيرٍ، فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ أَوْ بَالِغٍ عَاجِزٍ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى صَغِيرٍ (قَوْلُهُ لَكِنْ عَاجِزًا) الْأَوْلَى إسْقَاطُ لَكِنْ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِهَا يُشْتَرَطُ لَهُ تَقَدُّمُ نَفْيٍ أَوْ نَهْيٍ ط

<<  <  ج: ص:  >  >>