للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بحضرة شُعيب النَّبيّ. وَلَكِنَّ هَذَا أَيْضًا غَيْرُ مُسَلَّمٍ به.

وَعَلَى كُلِّ حَالٍ: يجوز كلام المرأة بِحَضْرَةِ الْأَجْنَبِيِّ حتى عِنْدَنَا فِي الْإِسْلَامِ، ولكن بِشَرْطِ عدم الفتنة، فإن خُشيت الْفِتْنَةُ فِي الْكَلَامِ فيجب الامتناع، فإن الامتناعَ خَوْفَ الْفِتْنَةِ -حتى عَنِ المُبَاحِ- مِنَ الْأُمُورِ المعروفة.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: تصدير الدُّعاء بـ (رَبِّ)، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذَكَرَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الثَّنَاءُ عَلَيْهِ، ثم هَذَا أَيْضًا وَارِدٌ فِي السُّنَّةِ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: مَشُورة الأدنى للأعلى؛ لقولها: {اسْتَأْجِرْهُ}؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ هنا ليس للإلزام، ولكن للمَشُورة والعَرض، فَقَدْ يَكُونُ الأدنى أَعْلَى مِنَ الْأَعْلَى فِي بَعْضِ الْأُمُورِ، كما أَنَّ المفضول قَدْ يَكُونُ أَفْضَلَ مِنَ الفاضِل فِي بَعْضِ الْأُمُورِ.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: الرُّجُوعُ فِي الْأَعْمَالِ إِلَى هَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ: القُوَّة والأمانة.

الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: يَنْبَغِي أَنْ يَتَحَرَّى الْإِنْسَانُ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ مَنْ كَانَ قَوِيًّا أمينًا، لقَولها: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ}، والقوة فِي الْعَمَلِ بِحَسَبِه، فالقُوَّة عَلَى الْأَعْمَالِ البَدَنِيَّة معناها قُوَّةُ الْبَدَنِ، وَالْقُوَّةُ فِي الْأُمُورِ الفكرية قوة الْفِكْرِ فِي هَذَا الشَّيْء، وَالْقُوَّةُ فِي الْأُمُورِ الحربيَّة الحربُ نفسُها، فَكُلُّ شَيْءٍ قُوتُهُ بِحَسَبِه، وباختلال أَحَدِ الْوَصْفَيْنِ يَخْتَلُّ العَمَلُ، فإذا اخْتَلَّتِ القُوَّة، وصار الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُومَ بالعَمَل -وَلَوْ كَانَ مِنْ آمَنِ النَّاسُ- يجب أن يتنحى، أو يجب تنحيته، وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لأبي ذَرٍّ: "يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا، وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي، لَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ، وَلَا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ" (١).


(١) أخرجه مسلم: كتاب الإمارة، باب كراهة الإمارة بغير ضرورة، رقم (١٨٢٦).

<<  <   >  >>