للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٧٣)]

* * *

* قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [القصص: ٧٣].

* * *

قال المُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَمِنْ رَحْمَتِهِ} تَعَالَى {جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ} فِي اللَّيْلِ {وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} فِي النَّهَارِ لِلْكَسْبِ {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} النِّعْمَةَ فِيهِما].

قوله تعالى: {وَمِنْ رَحْمَتِهِ} أي: جعل الوقوع متعلقًا بقوله: {جَعَلَ}، يعني: وَجَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ مِنْ رَحْمَتِهِ.

وقوله: {وَمِنْ رَحْمَتِهِ}: {وَمِنْ} هنا للسببية، أي: بسبب رحمته، وما اتَّصَفَ بِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنَ الرَّحمَة، والرَّحمَة صفةٌ حقيقيةٌ ثابتة للَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَهِيَ غَيْرُ إرادةِ الإنعام، وغيرُ الإنعام.

فأهلُ السُّنة والجماعة يقولون: إن الرَّحمَةَ صِفة حقيقية ثابتة للَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، لَا تُشْبِهُ رحمةَ المخلوقِ.

وأما الأشاعرةُ فيُحرِّفون مَعْنَى الرَّحْمَةِ إِلَى أَنَّهَا الإنعامُ أَوْ إِرَادَةُ الإنعام، فيُفَسِّرونها بِالْفِعْلِ، وَهُوَ الإنعام، أَوْ إِرَادَتِهِ؛ لأنهم يُثبِتون الإرادة، وهي صِفة معنوية، وقد مَرَّ علينا أَنَّهُمْ لَا يُثْبِتُونَ مِنَ الصِّفَاتِ إِلَّا سَبْعَ صفات؛ منها: الإرادة، فيفسِّرون الرَّحمَة بإرادة الإنعام؛ لِأَنَّ الْإِرَادَةَ دَلَّ عليها السمع والعقل، وَهُمْ لَا يُثْبِتُونَ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ

<<  <   >  >>