الْفَائِدَةُ الأُولَى: فيها تكذيب دعوى هؤُلاءِ في قَوْلِهم: {لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ}؛ فإنَّه قد جاءهم الحق مع الرَّسُول، ومعَ ذلك كذَّبوا:{قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى}.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ مَا جَاءَ به النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- هُوَ الحَقُّ، والحق بمعنى: الشَّيْء الثابت، وهو بالنِّسبة للأخبار الصدق، وبالنِّسبة للأحكام العدل.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أنَّ ما خالف ما جَاءَ به النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فهو باطل؛ لقوله تعالى:{فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ}[يونس: ٣٢]، فكلُّ خبر يتضَمَّن تكذيبَ خَبَرِ اللَّه ورسولِه، فهو الكَذِب، فمثلا: إذَا قَالَ قَائل: أصلُ الإِنْسَان قِرْدٌ، ثم تطوَّر فصار إنسانًا! ! نقول له: هذا كذِبٌ؛ لأَنَّهُ يخالف مَا جَاءَ به النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وإذا شَرَّع الإِنْسَان قوانين مخالفةً للشرع، قلنا: هذا باطِلٌ وضلالٌ؛ لأنَّ الحق فيمَا جَاءَ به الشرع فقط.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أن قريشًا كانَ عندَهم بعضُ المعْلوماتِ عن الرُّسل السَّابِقين، حَيث قَالُوا:{لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى}، وقد حصلوا عَلَى هَذَا العِلم عَن طَريق اليهود؛ لأنَّهُم لما جاء الرَّسول -صلى اللَّه عليه وسلم- وبُعث، أَرْسَلُوا إلَى اليَهود يسألون عن أخبار هَذَا الرَّجل، فكتبوا لهم بما يعرفون مِن أخباره، وبما جَاءَ به موسى.