للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد يدلُّ تَبَنِّيهَا لموسى عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ عاقرًا لا تلد، وَقَدْ لَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ؛ فالمرأةُ قد تتخذ الولد زِيادَةً عَلَى مَا عندها، ولكننا عندما لَا نَجِدَ دَليلًا بَيِّنًا لما نقول: وربما يَكُونُ كَذَا.

قوله تعالى: {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}، هَذِهِ جُمْلَةٌ الظَّاهر أَنَّهَا مِن كَلَامِ اللَّهِ، يعني {وَهُمْ} أي: آلُ فِرْعَوْنَ ومنهم المرأة، {لَا يَشْعُرُونَ} بعاقبة أَمْرِ هَذَا الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ شعروا بعاقبة أَمْرِه لمَا قَبِلُوا منها مَشُورَتها، وَلَكِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعمى ذَلِكَ عَنْهُمْ.

بعضهم يقول {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} آلُ فِرْعَوْنَ لَا يَشْعُرُونَ بما تريده المرأة، وكأنَّ المرأة ألهمها اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مآلَ هَذَا الرَّجُل، وأمَّا هُم فلا يشعرون، لكن الأقرب أَنَّه مِنْ كلام اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

ومن الظَّاهِرِ أَنَّ امْرَأَةَ فِرْعَونَ لَمْ تَكُنْ قَدْ أسلمت حينئذ، فَقَدْ كَانَتْ زوجتَه، وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مُطيعة له، وأَنْ تَكُونَ عَلَى دِينِهِ.

[من فوائد الآية الكريمة]

الْفَائِدَةُ الأُولَى: بيانُ فَضِيلَة امرأةِ فِرْعَوْنَ مِنْ قَوْلِها: {لَا تَقْتُلُوهُ}، وَفِيهَا أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى فِرَاسَتِها؛ لأنَّها توقَّعَت أن ينفعهم، ولكن حدث بَعْضُ مَا توقَّعَتْه، فقد نَفَعَها هي فقط، وضَرَّ فِرْعَون.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى مَا قِيلَ: (إنَّ البلاء مُوَكَّلٌ بِالمَنْطِقِ)، والتفاؤل كلام؛ فامرأةُ فِرْعَونَ قالت: {قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَك}، فتفاءلت بِهِ خَيْرًا، فحصل لَهَا ذَلِكَ، وصار قُرَّةَ عَيْنٍ.

<<  <   >  >>