للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[من فوائد الآية الكريمة]

الْفَائِدَةُ الأُولَى: أَنَّ الَّذِينَ تَمَنَّوا مِثْلَ مَا أُوتِي قارونُ عَرَفُوا أَنَّ مَا أُوتيَهُ ليس لكونه أَهْلًا لَهُ، بل لِأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لمِنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ويَقْدِرُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ لَهُمْ فِي الجَوَابِ: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي}، وهنا تَبَيَّنَ لَهُمُ أَنَّهُ لَيْسَ لهذا السبب، وَلَكِنْ لِأَنَّ اللَّهَ تعالى بِيَد الأمرُ، فقال: {يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ}.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: بَيَانُ أَنَّ تَمَنِّيَ مَتَاعِ الدُّنْيَا لَا بُدَّ أَنْ يَتبَيَّنَ للمرء أنه تَمَنٍّ لَا حَقِيقَةَ لَهَ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يزول، فهؤُلاءِ الذين تمَنَّوْا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قارون لمَّا زَالَ، وخُسِف به عرفوا أَنَّ هَذَا التَّمَنِّيَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، وأنَّ حقيقة الْأَمْرِ أَنْ يتمنى الْإِنْسَانُ مَا فِيهِ ثَوَابُ الآخِرَةِ.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: إثباتُ مَشِيئَةِ اللَّهِ؛ لقوله: {لِمَنْ يَشَاءُ}.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: إثبات حِكْمَتِهِ فِي بَسْطِ الرزق وتضييقه: يَبْسُط ويَقْدِرُ، وهذا تابع لحِكْمَتِه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: اعتراف هؤُلاءِ المُتَمَنِّينَ بِمِنَّة اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِي قَوْلِهمْ: {لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا}، فهنا عرفوا مِنَّةَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ؛ حَيْثُ لَمْ يُعْطِهِمْ مِثْلَ مَا أَعْطِى قارونَ، فيكون مآلُهم كَمَآلِه، فتبَيَّنَ لَهُمْ بِذَلِكَ نِعْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أَنَّهُ لَا فَلاح للكافر، ويتضح هذا مِن قولِه: {إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}، ونأخذ مِنْ ذَلِكَ إِثْبَاتَ عكسه للمؤمنين، فَإِنَّ لَهُمُ الفلاحَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.

* * *

<<  <   >  >>