للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[من فوائد الآية الكريمة]

الْفَائِدَةُ الأُولَى: الأصلُ وجوبُ طاعةِ وليِّ الأمر، وَلَا يُوجَدُ مَا يَمْنَعُ هَذَا الْأَصْلَ؛ إِذْ إِنَّك لَا تَدْرِي: هَلْ هُوَ ظالمٌ أَمْ لَا، وَلأَنَّهُ مِنَ المشقَّة أَنَّ الجُندي -مثلًا- إذا أَمَرَهُ مَن فَوْقَه أَنْ يَضْرِبَ، أو يحبس، أَنْ يَقُولَ: لماذا أضربُ؟ لماذا أَحْبِسُ؟ وَلأَنَّ هَذَا يُؤَدِّي إِلَى الفوضى، وتَفَكُّك الحُكومة والدولة؛ فلهذا نقول: يَجِبُ عَلَيْك التنفيذُ مَا لَمْ تَعْلَمْ أنه معصية للَّه.

وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بالتفصيل، وَهُوَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ الْآمِرُ معروفًا بالظُّلم؛ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ الْإِقْدَامُ عَلَى مُوَافَقَتِهِ، إِلَّا إِذَا علمتَ انتفاءَ الظلمِ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ المُعَيَّنة؛ تقديمًا للظاهر عَلَى الْأَصْلِ، فظاهِرُ حال هَذَا الْأَمِر -مثلًا- أنه ظالم، فَيُقَدَّمُ عَلَى الْأَصْلِ، وَهُوَ عَدَمُ الظُّلم، ووجوب الطاعة، وهذا التقسيم لَا بَأْسَ بِهِ، نعم، فيه ثِقَلٌ أيضًا؛ لِأَنَّهُ -وَإِنْ كَانَ ظَالمًا- فقَدْ لَا يَظْلِمُ فِي كُلِّ شَيْءٍ.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَكُونَ جُنديًّا، حَتَّى لَوْ كَانَ الْإِمَامُ معروفًا بالظُّلم، بَلْ قَدْ يَجِبُ أحيانًا إِذَا كَانَ وُجُودُهُ فِي هَذَا يخفف بَعْضَ الْأَشْيَاءِ.

وَلَا يُعَارِضُ قَوْلَنَا هَذَا قَوْلُ اللَّهِ تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} [هود: ١١٣]، فهو يريد: لَا تَمِيلُوا إلَيْهِم بمساعدتهم في الظُّلم.

فأَنْ تَصِيرَ جُنديًّا لَهُمْ هَذَا لَا شَيْءَ فِيهِ، ولكن أن تَنْضَمَّ إلَيْهِم وتساعدهم، أو تُقَوِّي جانبهم -ولو مَعنويًّا- فَهَذَا لَا يَجُوزُ.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: جَواز تَكلُّم المرأة بحضور الأجنبي، وَلَكِنْ ظَاهِرُ الْحَالِ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يكن قد نزلت عليه شريعته بعدُ، وهناك مَنْ يَقُولُ كَانَ الْأَمْرُ

<<  <   >  >>