للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَوْلُه تعالى: {أَنْ يَكُونَ}، أي: الَّذِي تَابَ وآمن وَعَمِلَ صَالِحًا.

قَالَ المُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [النَّاجِينَ بِوَعْدِ اللَّهِ] أي: الناجين بما وعدهم اللَّهُ بِهِ، ولكنَّ الفلاح لَيْسَ كَمَا قال المُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ، أنه النجاة فقط، بل النَّجَاةُ مِنَ المرهوب، والفوز بالمطلوب، أي: أَنْ يَنْجُوَ الْإِنْسَانُ مِمَّا يهرب، وأَنْ يَحْصُلَ لَهُ مَا يُحِبُّ.

وَقَوْلُهُ تعالى: {فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ} لَوْ قُلْنَا إِنَّهَا للترجِّي -مثلًا- لتضمنت فائدة، وَهِيَ أَنَّ الْإِنْسَانَ، وإنْ عَمِل هذا العمل، فليكن راجيًا للفلاح لا قاطعًا به، لأَنَّهُ لَا يَدْرِي: قَدْ تَكُونُ هناك موانعُ، أو خَلل لَا يَحْصُلُ معه الفلاح، قَالَ اللَّهُ تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} [المؤمنون: ٦٠]، فهنا المقام ليس مقامَ جزمٍ، بَلْ هُوَ مَقَامُ رجاء.

[من فوائد الآية الكريمة]

الْفَائِدَةُ الأُولَى: فِي هَذَا فضيلةُ هَذِهِ الْأَوْصَافِ الثَّلَاثَةِ: التوبة، والإيمان، وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ هَذِهِ الْأَوْصَافَ الثَّلَاثَةَ سببٌ للفلاح؛ لقوله تعالى: {فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ}.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أن الفلاحَ مَرْتَبَةٌ عَالِيَةٌ لَا يَنَالُهَا إِلَّا ذَوُو الأوصاف الحميدة: التائبون المؤمنون العاملون صالحًا.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أَنَّ الْعَمَلَ لَا يَنْفَعُ إِلَّا إِذَا كَانَ صالحًا، وَهُوَ مَا جَمَعَ شرطين -كَمَا سَبَقَ- الإخلاص والمتابعة لِلرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

* * *

<<  <   >  >>