للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٦٨)]

* * *

* قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [القصص: ٦٨].

* * *

قال المُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} مَا يَشَاءُ {مَا كَانَ لَهُمُ} لِلْمُشْرِكِينَ {الْخِيَرَةُ} الِاخْتِيَار فِي شَيْءٍ {سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} عَنْ إِشْرَاكِهِمْ].

هَذِهِ الآيَةُ تعليل لبُطلان آلهة المشركين، وإثبات الأُلُوهِيَّة للَّه، وذلك عَنْ طَرِيقِ إثبات الخَلق؛ فإنَّ الخالق هُوَ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يُعْبَدَ؛ لِقَوْلِهِ تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: ٢١]، فَإِنَّ هَذَا الْوَصْفَ تعليل للأمر، فإنَّ الخالق يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْإِلَهَ المعبود، كَمَا قَالَ اللَّهُ تعالى: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (٢٠) أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [النحل: ٢٠ - ٢١]، فإذا كَانُوا لَا يَخْلُقون فكيف يستحِقُّون أَنْ يُعْبَدوا؟ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ: {يَاأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا} [مريم: ٤٢]، هنا قال: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} لإلزام هؤُلاءِ المشركين بعبادته وحده.

وقوله: {يَخْلُقُ} الخَلْق: هو الإبداع المَبْنِيُّ عَلَى التَّقْدِيرِ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُقَدِّر، ثم يَخْلُق، فخلْقُه مَبْنِيٌّ عَلَى الحكمة.

<<  <   >  >>