قوله تعالى:{وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ}، هذا خبرٌ آخَرُ غيرُ الخبر الأول الذي فيه ابتداءُ الوحي؛ لأَنَّ اللَّهَ تعالى بعدما أهلك القرونَ الأُولى وَعَد موسى ثلاثين ليلة، وأتَمَّها بِعَشْرٍ، واختار مَن اختار مِن قومه، ثم ذهب إلَى اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لمُنَاجَاتِه، وإنزال التَّوراة عليه، يَقُول اللَّه تعالى:{وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ}، {بِجَانِبِ} أي: جهة الطور، أو قُرب الطُّور، والطُّور: هو الجَبل المعروف في سيناء، {إِذْ} حين، أفاد المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ بأن {إِذْ} هنا ليست تعليلية، ولكنَّها ظرفية، وهي ظرفٌ لِمَا مضي مِن الزَّمان، و (إذا) ظرف لما يُستقبَل، و (إذن) ظرفٌ للحاضر، وبهذا استُكملت الظروف الثَّلاثَة.
قوله تعالى:{إِذْ نَادَيْنَا} موسى أَنْ خُذِ الكتَابَ بقوَّة، هذا وَهَمٌ مِنَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ؛ لأَنَّ اللَّهَ تعالى قال لبَني إسرَائيلَ:{خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ}[البقرة: ٦٣]، ودَعْنَا نتأملُ بَعْدُ في قَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً