للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كَانَ يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ النعمة، أَوْ بِغَيْرِهَا، فَهَلْ يَدْخُلُ فِي هَذَا قَولهُ تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى: ١١]؟

نقوله له: نعم، هَذِهِ الآيَةُ تَدْخُلُ فِي هَذَا.

فَإِذَا قَالَ قَائِلٌ: هل يوجب هذا الافتخارَ؟

قلنا: لا، لَيْسَ هَذَا عَلَى سَبِيلِ الافتخار، بَلْ هُوَ عَلَى سَبِيلِ التواضع للَّه، وَأَنَّ هَذِهِ النِّعَمَ مِن اللَّهِ، كَمَا قَالَ الرَّسُول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ" (١).

[من فوائد الآية الكريمة]

الْفَائِدَةُ الأُولَى: الرَّحمَة صفة حقيقية ثابتة للَّهِ عَلَى وَجْهِ الكمال، ولا تُشبه رحمةَ المخلوقين.

فمثلًا: إِذَا قِيلَ: إِنَّ الرَّحمَة تقتضي الضعف والرِّقَّة، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.

قلنا: هذا بالنِّسبة للمخلوق، أما في حق اللَّه -سبحانه- فله رحمة حقيقية لَا تُشْبِهُ رحمة المخلوق.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: بيان نعمة اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بتعاقُب اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، فِي قَوْلِهِ: {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ}.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّ اللَّيْلَ للسَّكَن، والنهارَ لطلب المعاش، فقوله: {لِتَسْكُنُوا فِيهِ} فِي اللَّيْلِ، وقوله: {وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} فِي النَّهَارِ.

وتتفرع عَلَى هَذِهِ المَسْأَلَةِ فائدة: وَهِيَ مَا ذَكَرَهُ الأصحاب رَحِمَهُم اللَّهُ فِي الْقِسْمَةِ بين


(١) أخرجه مسلم: كتاب الفضائل، باب تفضيل نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم- على جميع الخلائق، رقم (٢٢٧٨).

<<  <   >  >>