للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٥٨)]

* * *

* قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ} [القصص: ٥٨].

* * *

قال المُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا} عَيْشَهَا، وَأُرِيدَ بِالْقَرْيَةِ أَهْلُهَا {فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا} لِلْمَارَّةِ يَوْمًا، أَوْ بَعْضَهُ {وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ} مِنْهُمْ].

هذه فائدةُ ذِكر إهلاك القُرى السَّابِقة لأَجْل أَنْ يُقالَ لقريش: الكفر لا يَمنَع الخوف، ولا يَمنَع العقوبة، بل إِنَّهُ سبب العقوبة، فأنتم تقولون: إننا إذا آمنا تَخَطَّفَنا النَّاس. هذا ليس بالحقيقة، بل العكس هُوَ الحَقيقَة، وَلهَذَا قَالَ: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا}، فكأن اللَّه يُدَلِّل لتكذيب هؤُلاءِ بأن الكفر أهلكَ الأُمَم السَّابقَة التي بَطِرَت معيشتَها.

وقد أبطل اللَّهُ كلام هَؤلَاء الكُفَّار للرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، لما قالوا: {إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا} أبطله بالسلب والإيجاب:

أما الإيجاب: فقال: إننا مَكَنَّا لهم حَرَما آمِنًا لَا يُمكن أَنْ يَكونَ هَذَا البَلَدُ خائفًا، فَإذَا كَانَ آمِنًا في حَال الكُفر فَفِي حالِ الإِيمَان مِن بَاب أَوْلَى.

وأما السلب: فقوله تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا}،

<<  <   >  >>