الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ حُكم الفَرْدِ قد يتناول جِنْسَه، ومعناه:{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ}، لو نظرنا إليها وجدنا أَنَّهَا عَامَّة تشمل كُلَّ الَّذينَ أُوتوا الكتَابَ، وليس كُلُّ الَّذينَ أُوتوا الكتَابَ مِن قَبْلُ آمَنُوا بالقُرْآن، فهناك نصارى ظَلُّوا على نَصْرَانِيَّتِهم، ويَهُودٌ ظَلُّوا على يَهُودِيَّتِهم، ولكن مِن هؤُلاءِ مَن آمَنَ، كَعَبْدِ اللَّهِ بنِ سَلامٍ والنَّجَاشي.
فسببُ إيمانِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ سَلَام عِلمُه بما في التَّورَاة مِن صفات الرَّسُول -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهذا العِلْمُ يَشمل جميعَ اليهود.
إذن: فهُنا أعطينا الجِنس حُكْمَ الفَرد؛ للعِلَّة التي تَشْمَلُه وغيرَه.
فقوله تعالى:{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ} لا يعني أنهم كُلَّهُم
(١) كما حديث جَابِرٍ -رضي اللَّه عنه- قَالَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حِينَ مَاتَ النَّجَاشِيُّ: "مَاتَ اليَوْمَ رَجُلٌ صَالِحٌ، فَقُومُوا فَصَلُّوا عَلَى أَخِيكُمْ أَصْحَمَةَ". أخرجه البخاري: كتاب مناقب الأنصار، باب موت النجاشي، رقم (٣٨٧٧).