الذي أوجبَ للمؤلف أن يَخُصَّه بالصَّدَقَة أَنَّ المقامَ مَقامُ ثَنَاءٍ، ولكن الأَولَى أَنْ نَجْعَلَه على عُمومه، ونَجْعَل معنى قوله: {يُنْفِقُونَ} أي: يَبْذُلُون ويُعطون؛ لأن البَذْلَ قَد يَكونُ تَصَدُّقًا خيرًا، وَقَد يَكونُ البَذْلُ تَوَدُّدًا خيرًا أيضًا، وَقَد يَكون أفضلَ مِن الصدقة في بَعض الأحيان.
ويجب أن نُفَرِّقَ بين الهِبَة، والهَدِيَّة، والصَّدَقة:
الصَّدَقة: هي ما أُرِيدَ بها وجهُ اللَّه، ويُتَقَرَّبُ بها إلَى اللَّهِ، ولا يَهُمُّه تَقَرَّب إليها بمُعطًى أَم لَا.
والهَدِيَّة: ما قُصِد به التَّوَدُّد للمُعْطَى، أي يريد أَنْ يتقرب إلى المُعْطَى، ويَتَقَرَّب منه المعطَى.
والهِبَة: مَا قُصِدَ به نفعُ الموهوب فقط، لَا أَنْ يتقرب إلَى اللَّه بذلك، فهذه تُسمَّى هِبَةً.
وكُلُّها محمودة في الواقع، وَقَد يَكونُ بعضُها أَفضَلَ مِن بعضٍ، هذا عَلَى حَسَب الحال.
[من فوائد الآية الكريمة]
الْفَائِدَةُ الأُولَى: أَنَّ المُؤمِنينَ مِنْ أَهْلِ الكتَاب لهم أَجْرَانِ: الأجرُ الأول الإِيمَان بكتابهم، والثَّاني: الإِيمَان بالقُرْآن.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: إثباتُ عَدْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ حَيث لَم يُضَيِّع أجرَهم الأول بالأجر الثَّاني، ولا الأجْرَ الثَّانيَ بالأجر الأول.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّ الثَّوَابَ عَلَى قَدْرِ العَمَل، قَالَ تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute