للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: ٧ - ٨].

فهؤُلاءِ كان ثوابُهم مَرَّتَيْنِ؛ لأَنَّهم عَمِلُوا مَرَّتَيْنِ.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: إثبات الأَسْباب والعِلل؛ لقوله: {بِمَا صَبَرُوا}.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: فَضِيلَةُ الصَّبْر، طالما أَنَّ الصَّبرَ سببٌ للأجر؛ فَلَا شَكَّ أَنَّه صِفَة حميدة، وفاضلة.

وَقَد ذَكَرنَا قَبلَ ذَلكَ أَنَّ الصَّبرَ يَنقَسم إلَى ثَلَاثَةِ أَقسَام:

صَبرٌ عَلَى طَاعَةِ اللَّه، وصَبرٌ عن مَعصيَةِ اللَّه، وصَبرٌ على أقدار اللَّه، وأنَّ أَفْضَلَهَا أَوَّلهُا، ثم الثَّاني، ثم الثالث.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أَنَّ الحَسَنَاتِ لُذْهِبْنَ السَّيّئَات؛ لقوله: {وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ}.

الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أَنَّه يَنبَغي مقابَلةُ المسيءِ بالإِحْسَان، فالحسناتُ يُذْهِبْنَ السيئاتِ، فالآية -كَمَا قُلنَا- عامَّه لِدَرْئِه سيئاتِهم بحَسَنَاتِهم، ودَرْئِهم سيئاتِ غَيْرِهِم بالإحسَان إلَيهمْ، وَأَتَيْنَا لذلك بشاهِدٍ مِنَ القُرْآن، لكن دَرْءُ سيئات الآخرين بالإِحْسَان إلَيْهِم ثقيلٌ عَلَى المَرْءِ جِدًّا، وَلهَذَا قَالَ اللَّهُ تعالى: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت: ٣٥].

وأكثرُ النَّاسِ يَقُول: واللَّهِ لَأَكِيلَنَّ له الصَّاعَ بالصَّاعَين، والصَّفْعَةَ بالصَّفْعَتَيْنِ، لكن الأمر لَيسَ كَذَلكَ، قَالَ تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، فكانت النتيجة: {فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: ٣٤]، وأتى بـ (إذَا) الفُجَائِيَّة؛ للدَّلَالَة عَلَى أَنَّ هَذَا الأَمرَ يتحول بسرعة، فهذا العَدُوُّ يتحول بسرعة {كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}،

<<  <   >  >>