للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: {ثَوَابُ اللَّهِ} الثوابُ هُوَ الْجَزَاءُ؛ كأن العمل ثَابَ، أي: رَجَعَ إِلَى صَاحِبِهِ بجزاءٍ عليه، فثوابُ اللَّهِ فِي الآخِرَةِ خيرٌ، لكن لمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالحًا، فالمؤمن العاملُ عَمَلًا صَالحًا ثَوَابُ اللَّهِ لَهُ فِي الآخِرَةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، بَلْ قَالَ الرَّسُول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لمَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا" (١).

قوله: {لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} الإيمان: التصديقُ مع القَبول والإذعان.

وقوله: {وَعَمِلَ صَالِحًا} الْعَمَل الصَّالِح: هُوَ الَّذِي جَمَعَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ: الإخلاص للَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، والمتابعة لِرَسُولِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَكُلُّ ذَلِكَ خَيْرٌ مما أُوتِيَ قارون فِي الدُّنْيَا.

قَوْلُه تعالى: {وَلَا يُلَقَّاهَا} قَالَ المُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [أَي الْجَنَّةُ المُثَابُ بِهَا، {إِلَّا الصَّابِرُونَ} عَلَى الطَّاعَةِ، وَعَنِ المَعْصِيَة].

قَوْلُه تعالى: {وَلَا يُلَقَّاهَا} أي: ما يُوفَّق لها، {إِلَّا الصَّابِرُونَ} قَالَ المُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [عَلَى الطَّاعَةِ، وَعَنِ المَعْصِيَة]، وَلَوْ أَنَّهُ أَتَى بالأمر الثالث، وهو الأقدار، أي لَوْ قَالَ: وعلى الأقدار. لَتَمَّ لَهُ الْأَمْرُ، فالتَّفسير ناقص، فهُمُ الصابرون عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ، لا يَمَلُّون، ولا يَفْتُرُون، ومَعْصِيهُ اللَّهِ لَا يُمارسُونها، وعلى أقدار اللَّه المؤلمة لا يَتَسَخَّطون منها. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[من فوائد الآية الكريمة]

الْفَائِدَةُ الأُولَى: أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ الَّذين يعلَمُون حقائِقَ الأُمور، يَدْرُون أَنَّ هَذِهِ الدُّنْيَا لَيْسَتْ بشيء، وأَنَّ ثَوَابَ الآخِرَةِ أَعْظَمُ وأَجَلُّ.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ لَا يَنَالُ ثوابَ الآخِرَةِ إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا؛ لقوله:


(١) أخرجه البخاري: كتاب الجهاد والسير، باب فضل رباط يوم في سبيل اللَّه، رقم (٢٨٩٢).

<<  <   >  >>