للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٥٦)]

* * *

* قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القصص: ٥٦].

* * *

قَالَ المُفَسِّرُ: [وَنَزَلَ فِي حِرْصِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَى إِيمَانِ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} هِدَايَتَهُ {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} عَالِمٌ {بِالْمُهْتَدِينَ}].

أَبو طَالِبٍ هُوَ أَبو عَليٍّ -رضي اللَّه عنه-؛ وهذا العَمُّ آوَى رَسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ودافع عنه، وناصَرَهُ، ولكن حِيلَ بَينَه وَبَينَ الإِيمَان؛ بسبب مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِنَ الشَّقاوة.

وَفي عَدَم إيمانه حِكمة عظيمة؛ لأَنَّه لَو آمَنَ مَا تَمَكَّنَ مِنَ الدِّفاع الَّذي حَصَلَ منه للرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، إذ لَوْ آمَنَ لَكَانَ هُوَ مَحَلَّ إيذاءٍ للمشركين، لَكن لمَّا بَقيَ عَلَى مِلَّتِهم كانوا يحترمونه بعضَ الاحترام، فَكَانَ في بَقَائه عَلَى الكفر مِن حِكمَةِ اللَّه مَا هُوَ ظَاهر، وَإلَّا مَا استطاع أَنْ يَحمِيَ الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ تلك الحمايةَ.

وهذا الرجل لَهُ فَضل عَلَى الإسلَام؛ بسبب دفاعه عنه، ولهذا أَذِنَ اللَّهُ لِنَبيِّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنْ يَشفَعَ له، مَعَ أَنَّه لَا يمكن أَنْ يَشْفَعَ لغَيره مِنَ الكفَّار، إلَّا هَذَا الرَّجُلَ؛ لمَا لَهُ مِنَ الفَضل على الإسلَام مِن حماية الرَّسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَالدّفَاع عَنه.

ولكن هَذِهِ الشفاعةُ ما نفعته نفعًا كَامِلًا، وَهُوَ غَيرُ مؤمن، إنما نَفَعَتْهُ أَنَّه كَانَ

<<  <   >  >>