[من فوائد الآية الكريمة]
الْفَائِدَةُ الأُولَى: زيادةُ الثَّنَاء عَلَى هَؤلَاء بأنهم يُؤمنون بِكُلِّ مَا يتلَى عَلَيهم، فَهُم قَد آمَنوا بالقُرْآن جُملة وتفصيلًا، وأخذنا ذَلكَ مِن قَولِه: {وَإِذَا يُتْلَى}، {يُتْلَى} فِعْل مُضارِعٌ يَدُلُّ عَلَى الحُدوث والاستمرار، وَيَدُلُّ عَلَى التَّجَدُّدِ والحُدوث، وَأَنَّ هَذَا شأنُهم كُلَّما تُلِيَ عليهم.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهم آمَنوا لَا لمجرد الهوى، ولكن آمَنوا إيمَانًا مَبنيًّا عَلَى اقتناعٍ، يُؤخَذ مِن قَولهِم: {آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا}، فما آمنوا هكذا تبعًا للنَّاسِ، ولكن آمنوا عن اقتناعٍ بأنه الحقُّ.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّ القُرْآنَ مِن عند اللَّه؛ لقوله: {مِنْ رَبِّنَا}.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: كمالُ عقل هَؤلَاء الَّذينَ آمَنوا، حيث عَبَّرُوا هنا بالرُّبوبية بقولهم: {مِنْ رَبِّنَا} دُونَ الأُلوهيَّة؛ لأن المقام يَقتَضي ذَلكَ، فإن الرَّبَّ لَهُ الحُكمُ يَحكُم بمَا يَشَاء كونًا وشرعًا.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أَنَّ هَؤلَاء كَانوا مؤمنينَ مسلمين مُنْقَادِينَ للكُتب السَّابقة؛ لقوله: {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ}.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: جَواز ثناء المَرء عَلَى نَفسه بِالصِّفات المحمودة، بِشَرط أَن تَكونَ في ذَلكَ مَصلَحَةٌ، وَأَلَّا يَكونَ فيه افتخارٌ، وعُلُوٌّ عَلَى غَيرِه؛ لقوله: {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ}، وَهَذَا أَمْرٌ واقعٌ مِنَ الرَّسول -صلى اللَّه عليه وسلم- وَمنَ الصَّحَابَة، ومن أَهلِ العِلم، قَالَ النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبْ" (١).
(١) أخرجه البخاري: كتاب الجهاد والسير، باب من قاد دابة غيره في الحرب، رقم (٢٨٦٤)، ومسلم: كتاب الجهاد والسير، باب في غزوة حنين، رقم (١٧٧٦).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute