للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذن: الحُكم المُطلق للَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الدُّنْيَا، وَفِي الآخِرَةِ.

وَأَمَّا الْحُكْمُ المُقَيَّد، فهذا يَكُونُ لِغَيْرِ اللَّهِ، مِثْلُ مَا يقوله العلماء: الحاكم الشرعي، ويَحْكُم بينهم الحاكم، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.

فهَذَا الْحُكْمُ مُقَيَّدٌ فِي زَمَانِهِ، ومكانه، ونَوْعِه، أَمَّا فِي الزَّمَانِ، فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ مُقَيَّد، لكن الحاكم الشَّرْعِيُّ لَا يَبْقَى أَبَدَ الآبِدِين، بَلْ هُوَ فِي مَكَانِهِ، لَا يَحْكُمُ إِلَّا فِي بُقْعَةٍ مِنَ الْأَرْضِ، وَلَا يَحْكُمُ فِي الْأَرْضِ، وَلَا فِي السَّمَاءِ.

وفي نوعه؛ لأنه مُقَيَّدٌ بِأَنْ يَكُونَ تحت حُكْمِ اللَّهِ، فَلَا يَمْلِكُ أَنْ يُغَيِّرَ شَيْئًا مِنْ أحكام اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

قَوْلُه تعالى: {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}، قوله: {إِلَيْهِ} تَقَدَّمَ عَلَى: {تُرْجَعُونَ}، وتقديمُ المعمول يَدُلُّ عَلَى الحصر، فالرُّجوع إِلَى اللَّهِ مَهْمَا طالت الدُّنيا، ومَهْمَا بَعُد الإنسانُ، وَمَهْمَا كَانَ الإنسان أيضًا؛ فإنَّ مَرْجِعَه إِلَى اللَّهِ.

قَالَ المُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} بِالنُّشُورِ]، والنُّشور يَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فكلُّ الخلائق مَرْجِعُهَا إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حيث يُحشر كُلُّ شَيْءٍ، حتى النَّمل، حَتَّى يَتبَيَّنَ أَنَّ الْأَمْرَ كله مَرْجِعُهُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

[من فوائد الآية الكريمة]

الْفَائِدَةُ الأُولَى: إثبات أُلُوهِيَّة اللَّه.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: انفرادُه بالأُلُوهِيَّة، لقوله: {وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: اختِصَاص اللَّهِ تعالى بالحمدِ المُطْلَقِ؛ لقوله: {لَهُ الْحَمْدُ}، الحمد المطلق الشامل للدنيا والآخرة.

<<  <   >  >>