وَهُوَ الْحُكْمُ الكوني، كَمَا قال المُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ، ويشمل الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ.
فالحُكم للَّه قضاءً وشرعًا، لا حاكِم إِلَّا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَمَنِ ابْتَغَى الْحُكْمَ مِنْ غَيْر اللَّهِ؛ فإنه يَضِلُّ، ومَنِ اتَّبع هُدَى اللَّهِ، فَإِنَّهُ لَا يَضِلُّ، ولا يَشْقَى.
وتقديم الخبر يُفِيد الحَصرَ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ للَّهِ وَحْدَهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ إِذَا كَانَ المُرَادُ الحكمَ المطلَقَ، فالحُكم المطلق للَّهِ لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ أَحَدٌ، هُوَ الَّذِي يُوجِبُ الشَّيْء ويُحَرِّمه، ويَنْدُب إليه ويُبيحه، وَكَذَلِكَ فِي الْأُمُورِ الكونية، هُوَ الَّذِي يُنزِّل الغَيْثَ، وَهُوَ الَّذِي يُزيل القَحْطَ، وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ ويرزق، كُلُّ هَذَا مِنَ الْأَحْكَامِ الكونية.
ولكن الإنسان نازَعَ رَبَّهُ فِي الْحُكْمِ الكوني، وَفي الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ، فهناك -مثلًا- مَنْ أَثْبَتَ مَعَ اللَّهِ خالِقًا آخر، وهناك مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ رَبٌّ يتصرف كَمَا يَشَاءُ، والمخالفات فِي الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ أكثرُ وأبلَغُ، فما أكثرَ الذين يُشرِّعون، ويَرَوْنَ أنَّ تشريعاتِهم نافِذة كشرعِ اللَّه، أو أعلى، وهؤُلاءِ سَبَق أنهم كفار حَتَّى لَوْ صَلَّوْا وزَكَّوْا وصاموا وحَجُّوا؛ فهم كفار.
وَكَذَلِكَ أَيْضًا مِمَّا يَتَعَلَّقُ بالحُكم مِثل فِرْعَون؛ لأنه نازَعَه فِي الْحُكْمِ القَدَرِيِّ، وقال: {يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} [القصص: ٣٨]، وقال: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} [النازعات: ٢٤].
فالحُكم المُطلَق للَّه، ولكن هناك حُكمٌ مُقَيَّد، لكنَّه بِأَمْرِ اللَّهِ، ولهذا نحن نرى فِي كُتُبِ أَهْلِ الْعِلْمِ أنهم يَذْهَبُونَ إِلَى الْحَاكِمِ، ويقال: الحاكم الشرعي، وبإذن الحاكم، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، هَذَا الحكْمُ الَّذِي يستفيده هذا الإنسان مُقَيَّد ومحصور؛ مُقَيَّد بِأَنْ يَكُونَ تحتَ حُكْمِ اللَّهِ، ومحصورٌ فِي مَكَانٍ مُعَيَّن، وِفي زَمَنٍ مُعَيَّن.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute