للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَقَد ذَكَرنَاه سابقا في بَيتَين (١):

فَكُلُّ مَا وَافَقَ وَجْهَ نَحْوِ ... وَكَانَ للرَّسْمِ احْتِمَالًا يَحْوِي

وَصَحَّ نَقْلًا فَهُوَ القُرْآنُ ... فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ الأَرْكَانُ

وَمَعنَى قَوله: {يُرْجَعُونَ} أي: يعودون، ويُرَدُّون إلَى اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ إذ إنَّ الكلَّ سوف يَرجع إلَى اللَّه، والإِنْسَان رَاجع إلَى اللَّه في مَحْيَاه ومَمَاتِه، فهو بَعدَ المَوت يَرجع إلَى اللَّه، وَكَذَلكَ في الدّنيَا أمرُه رَاجع إلَى اللَّه، فَهوَ الَّذي يُدَبِّره.

[من فوائد الآية الكريمة]

الْفَائِدَةُ الأُولَى: بَيَان حَال فِرْعَونَ وجُنوده أَنَّهم قَومٌ مستكبرون عَن الحَقّ، متَعَالُون عليه.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ مَن استكبر عَن الحَقّ فيه شَبه مِن فِرْعَونَ وجنوده.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: وُجوب الرُّضوخ للحَقِّ، فالإِنْسَان يَجب عَلَيه أَنْ يرضَخَ للحق، سواء وافقَ هَوَاهُ أَو خَالَفَه.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أن المستكبر لَيسَ لَهُ حق؛ لقوله: {بِغَيْرِ الْحَقِّ}.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أَنَّ هَؤلَاء المستكبرين يَعمَلونَ عَمَلَ مَن لَا يَظُنُّ أَنَّه يَرجع إلَى اللَّه، لأَنَّ مَن ظَنَّ أَنَّه يَرجِع إلَى اللَّه لن يستكبر عنه؛ لأَنَّه يخَاف منه، لَكن مَن يستكبر هُوَ مَن ظَنَّ أَنَّه لَا يَرجع إلَى اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: إثباتُ البَعث؛ لأَنَّ قَوله: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ} إثبات الظن، فيقتضي أنَّ الرّجوع إلَى اللَّه أَمْرٌ ثابت.


(١) متن طيبة النشر في القراءات العشر، لابن الجزري، البيتان (١٤، ١٥).

<<  <   >  >>