للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالحاصِلُ: أَنَّ فِي تعاقُب اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فوائدَ عظيمةً تستوجب أن نَشْكُرَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عليها.

واعْلَمْ أنَّ الشكر يكون بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ والجوارح؛ أما الشُّكر بالقلب فَهُوَ أَنْ يعترف الإنسانُ بِقَلْبِه بِأَنَّ هَذِهِ النِّعَمَ مِن اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحْدَهُ، يعترف اعترافًا كاملًا، حتى لَوْ أَنَّ هَذِهِ النِّعَمَ جاءت عَنْ سَبَبٍ، فليعتقد أَنَّ السَّبَبَ مِنَ اللَّهِ، وَهُوَ الَّذِي أوجده، فحَصَلَتْ بِهِ هَذِهِ النِّعَمُ.

وأما الشُّكر باللسان، فإنه الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ تعالى بِمَا يستحِق، سَوَاءٌ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ، أَوْ غَيْرِهَا، وَكُلُّ ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي الشكر.

وَعَلَى هَذَا، فقول الإنسان: سبحان اللَّهِ، وَالحمْدُ للَّه، وَاللَّهُ أَكْبَرُ. يُعتبر شكرًا، وقوله حينما يأكل طَعَامًا أَوْ يشرب شرابًا: الحمد للَّه يعني: عَلَى هَذَا الطَّعَامَ أَوِ الشراب، يُعتبر أَيْضًا مِنَ الشكر.

أما الثالث -وَهُوَ الجوارح- فَهُوَ أَنْ يقوم الإنسان بِطَاعَةِ اللَّهِ، سواء تتعلق بهذه النعمة أَمْ لَا، فيستعين بهذه النعمة عَلَى طَاعَتِهِ، أَوْ يَفْعَلَ الطاعةَ الَّتِي لَا تَتَعَلَّقُ بهذه النعمةِ، قَالَ الشَّاعِر (١):

أَفَادَتْكُمُ النَّعْمَاءُ مِنِّى ثَلَاثَةً ... يَدِي وَلِسَانِي وَالضَّمِيرَ المُحَجَّبَا

فالشُّكر بالجوارح فِي قَوْلِهِ: يدي. والشكر باللسان فِي قَوْلِهِ: ولساني: والشكر بالقلب فِي قَوْلِهِ: الضَّمير المحجبا.

إِذَا قَالَ قَائِلٌ: ذكرتُم أن الشكرَ باللسان هو الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، سَوَاءٌ


(١) البيت في الفائق في غريب الحديث، للزمخشري (١/ ٣١٤) بلا نسبة.

<<  <   >  >>