الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: أَنَّه يَنبَغي في مقام المنَاظَرَة والمجادَلَةِ أن يُفْحَمَ الخَصم بإبطال قوله بقوله، أو بفعله، أنه يُبطَل قولُه بمَا جَرَى منه هو؛ لأنَّ ما جرى منه لَا يمكن أَنْ يُنْكِرَهُ، ولو أَنْكَرَهُ ما قُبِلَ، فكونُنا نُقِيم الحُجَّةَ على الخَصم مِن فِعله وقوله هذا أبلغ في إفحامِه.
الْفَائِدَةُ العَاشِرَةُ: أنَّ طبيعة البَشر واحدة؛ بناء عَلَى أَنَّ قولَه:{أَوَلَمْ يَكْفُرُوا} الضَّمير يَعود عَلَى جِنس الإِنْسَان؛ لأن الطبيعة البشريةَ واحدة.
الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ: أنَّه يَنْبغي أَيْضًا عند المناظرة إبطالُ قول الخَصم بالأمر الواقع؛ فإن الآيات الَّتي جَاءَ بهَا موسى، وأبطَلَها هؤُلاءِ كُذِّبَت، وما آمَن بها البَشَر.
إذن: فالمدار ليس على جنس الآيات، ولكن المدار على حال المخَاطَب، وإلا فالآيات قائمة بَيِّنَة، لكن:{وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ}[يونس: ١٠١].
(١) أخرجه البغوي في شرح السنة (١٣/ ١٩٥، رقم ٣٦١٥)، وابن عساكر في معجمه (١/ ٣٧، رقم ٣٠).