ومنه: شاطئ النهر، أي: جانبه.
وقوله تعالى: {بِالْوَادِ} الْوَادِي: مَجرى الماء، فمَجرى الشَّيْء يُسَمى واديًا؛ لأَنَّه فيه جُمِع، والوَدْي: الجَمْعُ، فعليه يكون مَجْرَى الشَّيْء واديًا.
وقوله: {الطُّورِ} صِفةٌ للشاطئ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تعالى: {وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ} [طه: ٨٠].
يقول المُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [{الْأَيْمَنَ} لِمُوسَى]، وَهَذَا مَعْلُومٌ؛ لأنَّه منادى، فَقَدْ يَكُونُ الوادي أمامَ مُوسى، أَوْ هُوَ فِي وَسَطِ الوادي، فيكونُ الأيمن مِنْهُ هُوَ الَّذِي عَلَى يَمِينِ موسى.
قوله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ} البُقعة: الأرض، أو الشَّيْء المتميز عَنْ غَيْرِهِ، ومنه: بُقَعُ المَاءِ فِي الثَّوْبِ مثلًا، فالبُقعة هي: الجانبُ مِنَ الْأَرْضِ المميَّز -مَثَلًا- بأشجار، أو شِبْهِها.
وقوله: {الْمُبَارَكَةِ} معناه: التي أَحَلَّ اللَّهُ فِيهَا البَرَكةَ، والبَرَكةُ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ الثابتُ؛ لأنَّه مُشْتَقٌّ مِنَ: بِركة الماء، وبِركةُ الماء تكون مَجْمَعًا لَهُ مَعَ ثُبوته فيه، والبَرَكة تَكُونُ مِنَ اللَّهِ، وَلَيْسَ شَيْءٌ مُبارَكٌ لشخصه، بَلْ لمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ مِنَ البَرَكة.
وقد مَرَّ علينا بحثٌ فِي كَوْنِ الإِنْسَان يُتَبَرَّكُ به، وهل يَصِحُّ هَذَا أَمْ لَا؟ وقلنا فِيمَا سَبَقَ: إِنْ كَانَ المُرَادُ البَركة الشخصية، فَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ، إلا للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَإِنْ كَانَ المُرَادُ بالبَركة مَا يَحْصُلُ مِنْهُ مِن مَنافِعَ عِلمِيَّةٍ، أَوْ مَالِيَّةٍ؛ فَإِنَّ هَذَا صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ يَكُونُ مجلسُه مُبَاركًا ينفع الحاضرين؛ إما بالذِّكر، وإما بالعِلم، وإما بالمال، وإما بالآداب، والأخلاقِ، هَذِهِ بركة لَا شَكَّ، وبعضُ النَّاس يكون بالعَكس
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute