للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أَنَّهُ يَجُوزُ عَلَى الْانَبِيَاءِ مَا يَجُوزُ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنَ الْخَوْفِ الطبيعي؛ لقوله تعالى: {وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ} مَعَ أَنَّ مُوسَى -كما تعلمون- كَانَ مِنَ الرجال الأقوياء، لكنَّه يَعْتَرِيه ما يَعْتَرِي غَيْرَهُ مِنَ الْبَشَرِ، وَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ خَرَجَ مِنَ المَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: عنايةُ اللَّهِ تعالى بِه، حيث ناداه وطَمْأَنَهُ بقوله: {أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ}، وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى قَوْلِهِ: {لَا تَخَفْ}، بل طَلَبَ مِنْهُ الْإِقْبَالَ إِلَيْهِ {أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ}، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى عناية اللَّهِ بِهِ، وَمَحَبَّتِهِ لَهُ.

الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أَنَّهُ يَنْبَغِي للمُستدعي لِغَيْرِهِ أَنْ يَذْكُرَ السَّبَبَ فِي ذَلِكَ؛ لقَوْلِه: {إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ}؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: لَا تَخْفَ. فإنه يَزُولُ عَنْهُ الْخَوْفُ، وَلَكِنَّهُ لَا يَكُونُ مُطْمَئِنًّا تمامًا، وَلَكِنَّهُ إِذَا قَالَ: {إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ} ازداد بذلك طُمأنينةً.

الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ: أَنَّهُ يَنْبَغِي ذِكر النُّظراء، أو الإشارة إلَيْهِم، لِيَكُونَ ذَلِكَ أَثْبَتَ للقَلب؛ لقوله: {إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ}.

* * *

<<  <   >  >>