للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كي أَنْظُرَ: هَل في السَّمَاء إله لموسى أَم لَا؟ وَهَذَا أَبلَغ في التمويه، فعبَّر بقوله: {مَا عَلِمْتُ}؛ لأَجْل أَنْ يُتِمَّ لُعبته.

وقوله: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} المراد من رَبّ غيري؛ لأَنَّه قَالَ في سُورَة النازعات: {فَحَشَرَ فَنَادَى (٢٣) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} [النازعات: ٢٣ - ٢٤]، أو يجوز أَنَّ المرَادَ بالإله ظاهرها، فيكون {مِنْ إِلَهٍ} أي: مِن معبود، ولا يعبَد إلَّا الرّبَ.

وَقَوله: {فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ} الفاء للسببية، وهي عاطفة، وهامان: هو وزيرُه، والظَّاهر أنه وزيرٌ مُطلَق، وَلَم يَكن مختصّا بشأنٍ مُعَيَّن.

قَالَ المُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [فَاطْبُخْ لِيَ الآجُرَّ] أي: الطين، وَهُوَ التّرَاب المخلوط بالماء، فإذا أَوْقَدَ عليه انعقَد وتحَجَّر، وصار آجُرًّا، وَإنَّمَا اختَارَ ذَلكَ؛ لأن الآجُرَّ أَقوَى مِن غيره، وَلأَنَّه إذَا أوقد عليه يوقد على مِصفاة، فيشتهر بَينَ النَّاس إذَا سألوا أَنَّ هَذَا هُوَ وقُود الصرح الذي سيَبْنِيه ربُّهم، وَيَكون أَيضًا مُرعِبا أكثر.

قوله تعالى: {فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا} يقول المُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [قَصْرًا عَالِيًا] أي: يبني لَهُ مثلَ المنارة، لكنه بناءٌ عالٍ، وَلَو قَالَ المُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: بناءً عاليًا، لَكَانَ أَولَى.

قوله تعالى: {لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى}: {لَعَلِّي} هَذِهِ للتَّعلِيل، يعني: اجعله لي؛ لأطلع إلى إله موسى أَنظر إلَيه، وأقف عليه، وقوله: {إِلَى إِلَهِ مُوسَى} قالها فِرْعَون عَلَى سَبيل التحقير؛ لأن موسى عنده حقير، فإلهه يَكون مثله -حَاشَا للَّه- حقيرًا لحقارة عابده.

قَولُه تعالى: {وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ} قَالَ المُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [لِادِّعَائِهِ إِلَهًا آخَرَ، وَأَنَّهُ رَسُولُهُ].

<<  <   >  >>