للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تعالى بمقتضى كونه حكيمًا مَا يَفْعَلُ إِلَّا مَا هُوَ صالح، أو أصلحُ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَفْعَلَ مَا لَيْسَ بصالحٍ، ولا أصلح؛ لأنه حكيم، ولكن هل مَعْنَى ذَلِكَ أنَّنا نحن نوجِب عَلَى اللَّهِ ونقول: هذا أَصْلَحُ مِنْ هَذَا، وَيَجِبُ أَنْ يَفْعَلَ كذا؟ لا، ولكنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَفْعَلُهُ وَقَدْ لَا نَعْلَمُ نحن بهذه الأصلحية، أو بوجه الصلاحية، فَلَا يَلْزَمُ أَنْ نَعْلَمَ.

وَكَمْ مِنْ أَشْيَاءَ نظن أَنَّ الحكْمَةَ فِي مُخَالَفَةِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، أَوْ مَا يَقَعُ قَدَرًا، وتكون الْحِكْمَةُ فِيمَا جَاءَ بِهِ الشَّرْعُ، وَقَضَى بِهِ اللَّهُ تعالى فِي قَدَرِهِ.

قَوْلُه تعالى: {مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} عَلَى قَوْلِ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ بأنه: [الِاخْتِيَارُ فِي شَيْءٍ]. فـ {الْخِيَرَةُ} اسْمُ مَصْدَرٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ كلمة تضمنت معنى المصدر دُونَ حُروفه فهي اسْمُ مَصْدَرٍ، ونظير الخِيَرَة الطِّيَرة؛ فإن الطِّيَرَة اسْمُ مَصْدَرٍ بمعنى: التَطُيُّر، وهكذا الخِيَرَة اسْمُ مَصْدَرٍ بمعنى الاختيار.

قَوْله تعالى: {سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} قَالَ المُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [عَنْ إِشْرَاكِهِمْ].

قوله تعالى: {سُبْحَانَ اللَّهِ} اسْمُ مَصْدَرٍ بمعنى: التسبيح، والتسبيح: تنزيهُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ، وَمما لَا يَلِيقُ بِهِ:

- أن نُدخل عليه النقصَ: وَهُوَ مُنَزَّهٌ بِهَا عَنِ النَّقْصِ، وَلِهَذَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١].

- ومشابهةُ المخلوقين ممتنعة عَلَى اللَّهِ، والنقص ممتنعٌ عليه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فعليه يكون {سُبْحَانَ اللَّهِ} تنزيهًا للَّه عَنْ كُلِّ مَا لَا يَلِيقُ بِهِ مِنْ نقص، أو مشابهة المخلوقين؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَكُونُ صفة كمال، فإذا شابه اللَّه بِهَا صار نقصًا، وَقَدْ تَكُونُ المسألة لَيْسَ فِيهَا

<<  <   >  >>