للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الباءُ للسببية.

وقَوْلُه تعالى: {فَبَغَى عَلَيْهِمْ} أي: اعتدى واستطال عليهم، على قَوْمِ مُوسَى، وَذَلِكَ بِمَا أَعْطَاهُ اللَّهُ تعالى مِنَ المَالِ، فصار طاغيًا، وَهَذَا هُوَ شأن الْإِنْسَانِ مِنْ حَيْثُ هُوَ إنسانٌ، قَالَ اللَّهُ تعالى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق: ٦ - ٧]، فهذا الْإِنْسَانُ إِذَا كَثُرَ مَالُهُ، وَرَأَى أَنَّهُ فِي غِنًى عَنْ غَيْرِهِ؛ يطغى.

قَوْلُه تعالى: {وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ} أي: أعطيناه مِن كُنوز المال، وهو جَمْع كَنْز، والكَنْزُ هو ما يُحتفظ به، ويُغْلَقُ عليه، ويَشْمَلُ جَمِيعَ أَنْوَاعِ المَالِ مِن ذَهَبٍ، وفِضَّةٍ، وزُمُرُّد، وجَواهِر، ونُقود، وَغَيْرِ ذَلِكَ.

قَوْلُه تعالى: {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ}: {مَا} اسمٌ موصول بِمَعْنَى الَّذِي، وهي المفعول الثاني لـ (آتيناه)، ومفعولها الأول الْهَاءُ فِي قَوْلِهِ: {وَآتَيْنَاهُ}، و (إِنَّ) حرفُ توكيدٍ ونَصْبٍ، ومَفَاتِح اسمُها، وجُملة {لَتَنُوءُ} خَبَرُهَا، والجملة الاسمية صِلَةُ الموصول، يعني: الذي إِنَّ مَفَاتِحَهُ.

قَوْلُه تعالى: {مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ} أي: تَثْقُل بهم، ومَفَاتِح جَمْعُ مَفْتَح، وَهُوَ اسْمٌ للمِفتاح.

قَوْلُه تعالى: {بِالْعُصْبَةِ} الباء هنا لِتَعْدِيَة الْفِعْلِ إِلَى مفعوله بِحَرْفِ الجْرِّ، وَإِنَّمَا احْتَاجَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ إِلَى هَذَا؛ لأن (ناءَ يَنُوءُ) يَتَعَدَّى بنفسه، أو بِحَرْفِ الْجَرِّ، وهنا تعدى بِحَرْفِ الْجَرِّ، أي: تُثْقِلُهم، فالباء للتعدية.

وَقِيلَ فِي عِدَّةِ العُصبة: سبعون، وقيل: أربعون، وقيل: عَشَرة، وقيل غَيْرُ ذَلِكَ، ولا ريبَ أَنَّ العُصبة هِيَ الْجَمَاعَةُ الَّتِي يَعْصِبُ بَعْضُهَا بَعْضًا، والعَصْب فِي اللُّغَةِ: الشَّدُّ،

<<  <   >  >>