للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ القومِيَّة لَا تَنْفَعُ أصحابَها، إنما النافع هُوَ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فهذا الرَّجُلُ مِنْ قَوْمِ مُوسَى، وَمَعَ ذَلِكَ بَغَى عَلَيْهِمْ.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّ اللَّهَ يَبتلي بِإِعْطَاءِ المَالِ العبدَ به، فَكَمَا أَنَّ الْفَقْرَ ابتلاء، فكذلك الغنى ابتلاء.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: كثرةُ أموال هَذَا الرَّجُلِ لقوله: {إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ}.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ بَغى عَنْ عِلْمٍ؛ لأنه نُصِح، وَقَالَ لَهُ قومه: {لَا تَفْرَحْ}، فنصحوه، وَلَكِنَّهُ اسْتَمَرَّ فِي طُغْيَانِهِ.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أَنَّ مِنْ حُسن الدعوة إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّهُ إِذَا ذُكِرَ الحُكم تُذْكَر العِلة، تخويفًا، أو ترغيبًا، إِنْ كَانَ منصوحًا بِطَلَبِ تَذَكُّرِ العِلَّة ترغيبًا، وَإِنْ كَانَ منصوحًا بِنَهْيٍ، فإنها تُذْكَرُ تخويفًا؛ لقوله: {لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ}.

الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: إثباتُ المحبة للَّه، تُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ}، مَعَ أَنَّ المُرَادَ نَفْيُ المحبة، وَلَكِنْ مَا نَفاها عَنْ هَؤُلَاءِ إِلَّا وَهِيَ ثَابِتَةُ لضِدِّه؛ ولهذا اسْتَدَلَّ الْعُلَمَاءُ بأن المؤمنين يَرَوْنَ ربهم بقوله: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: ١٥]، قالوا: فلما حُجِبوا عن ربهم دَلَّ عَلَى أَنَّ غيرَهُم غيرُ محجوبين، فَلَوْ كَانَ الْكُلُّ محجوبين، مَا كَانَ لِتَخْصِيصِ هؤُلاءِ فائدة.

* * *

<<  <   >  >>