للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ لَيْسَ المدار عَلَى عَمَلِ الحسنة، بل المدار عَلَى أَنْ يَأْتِيَ بالحسنة؛ لقوله: {مَنْ جَاءَ}، فقد يعمل الإنسان الحسنة، ولكن يأتيها ما يبطلها، فالمدار عَلَى أَنْ يَأْتِيَ الإنسان يَوْمَ الْقِيَامَةِ بالحسنة، لَا عَلَى أَنْ يفعلها.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: إثبات الجزاء؛ لقوله: {فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا}.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنَّ السيئة لا تُضاعَف، نأخذه مِنْ قَوْلِهِ تعالى: {إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أَنَّ عَدمَ مُضاعفة السيئة عَامٌّ فِي مَكَّةَ، وَفِي غَيْرِهَا، ووجهه أَنَّ الآيَةَ عَامَّةٌ، لَيْسَ فِيهَا استثناء، ثُمَّ إِنَّ سُورَةَ القصص مَكِّيَّة نَزَلَتْ بِمَكَّةَ، وَالآيَةُ نَزَلَتْ بِمَكَّةَ، ولم يُستثنَ شيء.

وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: "لَا أُقِيمَ فِي بَلَدٍ حَسَنَاتُهُ كَسَيِّئَاتِهِ". فَهَذَا بَاطِلٌ، لَا يَصِحُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَكْبَرُ مِنْ أَنْ يَقُولَ مِثْلَ هَذَا الْقَوْلِ.

لكن السيئة فِي مَكَّةَ تُضاعَف، لَا مِنْ جِهَةِ الكَمِّية، وَلَكِنْ مِنْ جهة الكيفية، فتكون عُقوبتُها أَشَدَّ وأَبْلَغَ إيلامًا.

فالسيئةُ لَا تَكُونُ عَشْرَ سيئاتٍ، لكنْ جزاؤها يَكُونَ أَشَدَّ، وَلِهَذَا قَالَ اللَّهُ تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: ٢٥].

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: التنديدُ بعامِل السيئات، أي: الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ} لَمْ يَقُلْ: {فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا}، كَمَا قَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى، وَلَكِنْ قَالَ: {فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا}، فهذا تنديدٌ بِهمْ، وبيانٌ لاستحقاقهم ما يسوؤهم مِنَ الْعَذَابِ، كَأَنَّهُ قَالَ: لِأَنَّهُمْ عَمِلُوا السيئات

<<  <   >  >>