للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التفسيرين فِي الآيَةِ، وقيل: {فَرَضَ} بمعنى: أوجب عَلَيْك الْقُرْآنَ، أي: أوجب عليك تِلاوته وتبليغه وَالْعَمَلَ بِهِ.

أي: إِنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَى النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في الْقُرْآنِ ثَلَاثَةَ أُمُورٍ: أَنْ يَتْلُوَهُ، وأَنْ يُبَلِّغُهُ إِلَى النَّاسِ، وَأَنْ يَعْمَلَ بِهِ.

وحينئذٍ يَكُونُ قَوْلُهُ: {فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ} أي: فَرَضَ عَلَيْكَ تِلاوته، وتبليغه، وَالْعَمَلَ بِهِ.

وَهَذَا التَّفْسِيرُ أَقْرَبُ إِلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ بمعنى الإنزال نادِرٌ وُجُودُهُ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ، لكن الفَرْضُ بمعنى الإلزام كَثِيرٌ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ، قَالَ تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: ١٠٣]، وقال رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ" (١)، فهنا فَرَضَ بمعنى: أَلْزَمَ وَأَوْجَبَ.

وَقَوْلُهُ: {لَرَادُّكَ} اللامُ هنا للتوكيد، و (رَادُّ) خَبَرُ (إِنَّ)، والمعنى أي: لمُرْجِعُك.

وقوله: {إِلَى مَعَادٍ} قَالَ المُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [إِلَى مَكَّةَ، وَكَانَ قَدِ اشْتَاقَهَا]، فَعَلَى قَوْلِ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: إِنَّ الَّذِي أنزَلَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَا بُدَّ أَنْ يُعيدك إِلَى مَكَّةَ، فتفتَحَها، كَمَا أَنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ عليك فيها.

وَهَذَا مَعْنَى كلام المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ، فيكون المَعاد مكة، أي: مكان العَوْد، أي: مكان الرجوع، وأنك سوف تَرْجِعُ إِلَى المَكَانِ الَّذِي أُخرجتَ منه، فَيَكُونُ فِي هَذِهِ


(١) أخرجه البخاري: كتاب الزكاة، باب لا تؤخذ كرائم أموال الناس في الصدقة، رقم (١٤٥٨)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام، رقم (١٩).

<<  <   >  >>