للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالرُّجُوعُ إِلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ لفيد الإِنْسَان -حقيقةً- فائدتين عظيمتين:

الأُولى: الطُّمأنينة والاستقرار؛ لِأَنَّ اتِّبَاعَ كَلَامِ أَهْلِ الْعِلْمِ -وَإِنْ كَانَ الْإِنْسَانَ قَدْ يطمئِن إليه بَعْضَ الشَّيْءِ- مَا تَكُونُ الطُّمأنينة إليه كطُمأنِينَتِه إِلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ.

الثَّانية: أنَّه يَسْتَطِيعُ أَنْ يُقْنِعَ غيره، ويُطَمْئِنَ غيره.

فمثلًا إِذَا قُلْتَ لِإِنْسَانٍ مَا: هَذَا حَرَامٌ. يَقُولُ لَك: مَا الدَّلِيلُ عَلَى الحُرمة؟ فإِذا قلتَ: له حَرَّمَهُ اللَّهُ، أَوْ حَرَّمَهُ رسولُه. اطمأنَّ لِقَوْلِك، أَمَّا إِذَا قُلْتَ لَهُ: هناك كِتَابٌ مَا قَدْ حَرَّمَهُ. قَالَ لَك مستنكرًا: أيُّ كتابٍ هذا؟ هَلْ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ؟

إذن: الرُّجُوعُ إِلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ يَبُثُّ الطُّمأنينة فِي قُلُوبِ المخاطَبين ويُقْنِعُهم.

ولذلك أنا أَمْيلُ إِلَى الرُّجُوعِ دائمًا إِلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَلَا يَعْنِي كلامي هذا طَرْحَ كَلَامِ أَهْلِ الْعِلْمِ، لا، فكلامُ أَهْلِ الْعِلْمِ مفاتيحُ لهذه الخزائن، فَكَمْ مِنْ إِنْسَانٍ لَا يَهْتَدِي بالكتاب والسُّنة إِلَّا إِذَا دَخَلَ مِنْ حَيْثُ دَخَلَ هؤُلاءِ العلماءُ.

وهناك فَرْقٌ بَيْنَ مَنْ يَقُولُ: اتَّبعِ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، واقْتَدِ بكلامِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَبَيْنَ مَنْ يَقُولُ: اتَّبعِ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، واطْرَحْ كَلَامَ أَهْلِ الْعِلْمِ، فهو لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَهَذَا خَطَأٌ كبيرٌ.

واعْلَمْ أَنَّ الْحَقَّ دائمًا بَيْنَ طَرَفَيْنِ مُتَطَرِّفَيْنِ.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: فِي الآيَةِ دَلِيلٌ أَيْضًا عَلَى أَنَّ القَصَص يُسَمَّى تِلاوَةً، يُقال: قَصَّ الإِنْسَانُ القِصَّة، إذا تَلاها علينا؛ وَذَلِكَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ تعالى: {نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ}.

<<  <   >  >>