للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أنَّ تفريق الأُمة سببٌ لفَشَلِها وذُلِّها، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تعالى: {وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا}، ومنها نعلم أَنَّ الْحِكْمَةَ الإنجليزية المشهورة (فَرِّقْ تَسُدْ) أصلُها فِرْعَوني؛ لأن فِرْعَون هُوَ أَوَّلُ مَنْ جَعَلَ أَهْلَ الْأَرْضِ شيعًا؛ حَتَّى يَسُودَ عليهم.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، مَعَ أَنَّهُمْ فِي الْأَصْلِ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ.

فيتفرع عَلَى هَذِهِ الْفَائِدَةِ: أَنَّ مَنْ سَكَنَ أرضًا، وأقام فيها، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا فِي الْأَصْلِ، نُسب إليها، وَصَارَ مِنْ أَهْلِهَا.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: بيانُ شِدَّة استضعاف فِرْعَون لِبَنِي إِسْرَائِيلَ؛ حَيْثُ كَانَ {يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ}.

وَقَدْ قِيلَ فِي سَبَبِ فِعْلِهِ هَذَا: إِنَّهُ أُخبر بأنه سيُولَد مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ولا، يَكُونُ هَلَاكُهُ عَلَى يَدِهِ.

وَقِيلَ: لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الطَّرِيقُ لإذلال الأُمَّة؛ لِأَنَّهُ إِذَا ذَهَبَ الرجال، وبقيت النساء صِرن إماءً للمُسْتَعْبِد، وهُنَّ بلا شك مَا عِنْدَهُنَّ قَيِّمٌ عليهن، ولا مُدافِعٌ عنهن.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أَنَّ الْعُلُوَّ فِي الْأَرْضِ، والعُتُوَّ عَلَى الْخَلْقِ، والسَّعْيَ بينهم بالتفريق يُعَدُّ مِنَ الإفساد، وَذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ تعالى: {إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}.

ويتضح مِنَ الآيَةِ أَنَّهُ مَنْ كَانَ عَلَى نقيض ذَلِكَ مِنَ التواضع للحَقِّ والخَلْقِ، جَمَعَ شَمْلَى الأُمة، وقَصَرَ عدوانه عنها، يَكُونُ مِنَ المُصْلِحِينَ، وَكَمَا قِيلَ: وبِضِدِّها تتميز الأَشْياء.

* * *

<<  <   >  >>