للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابْنُ كَثِيرٍ (١) عَنْ عُمَرَ -رضي اللَّه عنه-، وقال: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ.

وَمِثْلُ هَذَا عَن عُمَرَ قَدْ يَكُونُ عَلَى سَبِيلِ التوقُّع، أي: إِنَّهُ تَوَقَّعَ -رضي اللَّه عنه- أنها كانت واضعةً كُمَّ دِرعها عَلَى وَجْهِهَا، لَكِنْ فِي الآيَةِ لَيْسَ ذَلِكَ بوارد.

والدِّرع يُسمى درعًا، لِأنَّهُ مِثْلُ الدِّرع الذي يُلبس فِي الْحْرْبِ، فوضعت كُمَّها عَلَى وَجْهِهَا حياءً منه.

قوله تعالى: {إِنَّ أَبِي} هنا {أَبِي} اسم (إنَّ) منصوب بفتحة مُقَدَّرة، وليس منصوبًا بالألف، ولا بالياء، فهذه الياء ليست علامة إعراب، ولكنها ياء المتكلم.

ومن شروط نَصْب كلمة (أب) بالألف أَنْ تَكُونَ مُضافة لغير ياء المتكلم، قَالَ ابْنُ مَالِكٍ فِي ألفِيَّته (٢):

وَشَرْطُ ذَا الإِعْرَابِ أَنْ يُضَفْنَ لَا ... لِلْيَا كَجَا أَخُو أَبِيكَ ذَا اعْتِلَا

وَنَقُولُ فِي إِعْرَابهِ: اسمُ (إِنَّ) منصوب، وعلامة نصبه فتحة مُقَدَّرة مَنَعَ مِن ظُهورها اشتغالُ المَحَلًّ بحركة المناسَبة، وهي الكسرة المناسِبة لياء المتكلم.

قوله تعالى: {يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ} اللام للتَّعلِيل يعني: يدعوك لهذا الغرض.

ومعنى يجزيك: يكافئك بمكافأة، مِن: جَزَى يجزي.

وقوله تعالى: {أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا} أي لتنالَ أجرًا أو عِوَضًا، فالأجر هو العِوَض المأخوذُ مُقابِل عملٍ، وقوله: {مَا سَقَيْتَ لَنَا} أي: لأجْلِنا، و {مَا} هنا مَصْدَرِيَّة، أي: لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ سَقْيِك.


(١) تفسير ابن كثير (٦/ ٢٢٨).
(٢) ألفية ابن مالك (ص ١١).

<<  <   >  >>