للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنه قوله:

فَلا تحسْب مَقَال أرُّسلِ حقًّا ... ولكنْ قولُ زُورٍ سَطَرُوهُ

وكان النّاس في عَيْشٍ رغيدٍ ... فجاءوا بالمُحالِ فكدّرُوهُ

ومنه:

وإنما حمّل التّوارة قارِئها ... كسْب الفوائد لا حُبّ التّلاواتِ

وهل أُبِيحَتْ نساء الرّوم عن عرضٍ ... للعُرب إِلَّا بأحكام النُّبوّات

أنبأتنا أمُّ العرب فاطمة بنت أبي القاسم: أنا فرقد الكنانيّ سنة ثمانٍ وستّمائة: أنا السِّلفيّ: سمعت أبا زكريا التّبْريزيّ قال: قرأت على أبي العلاء بالمعرَّة قوله:

يدٌ بخُمْس مِيءٍ من عَسْجَدٍ فُدِيَتْ ... ما بالُها قُطِعَتْ في رُبع دينار؟

تَنَاقُضٌ مالنا إِلَّا السُّكُوتُ لهُ ... وأن نَعُوذَ بِمَولانا مِن النَّارِ١

سألته عن معناه فقال: هذا مثل قول الفقهاء: عبادةً لَا نعقل معناها.

قلت: لو أراد ذلك لقال: تعبد مالنا إِلَّا السُّكوت له، ولما اعترض على اللَّه بالبيت الثاني.

قال السِّلفّي: إن قال هذا الشِّعر معتقدًا معناه فالنار مأواه، وليس له في الْإِسلام نصيب، هذا إلى ما يحكى عنه في كتاب "الفصول والغابات"، وكأنَّهُ معارضةً منه للسُّور والَآيات، فقيل له: أين هذا من القرآن؟ فقال: لم تَصْقُلُهُ المحاريب أربعمائة سنة.

إلى أن قال السِّلفيّ: أخبرنا الخليل بن عبد الجبَّار بقزوين، وكان ثِقة: ثنا أبو العلاء التَّنوخيّ بالمَعَرَّة، ثنا أبو الفتح محمد بن الحسنيّ، ثنا خيثمة٢ فذكر حديثًا.

وقال غرس النّعمة: وحدَّثني الوزير أبو نصر بن جَهِير: ثنا أبو نصر المنَازِيّ٣ الشاعر قال: اجتمعت بأبي العلاء فقلت له: ما هذا الّذي يُروى عنك ويُحْكَى؟ قال: حَسَدوني وكذبوا عليَّ.


١ سير أعلام النبلاء "١٨/ ٣١"، والمنتظم "٨/ ١٨٦".
٢ هو الحافظ أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة الأطرابلسي، مسند الشام، المتوفَّى سنة "٣٤٣هـ".
٣ هو أحمد بن يوسف المنازي، الكاتب الشاعر الوزير، المتوفَّى سنة "٤٣٧هـ"، وسبق برقم "١٩٤".