للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحدَّث بإصبهان، ثمّ ردّ إلى سَمَرْقَند.

سمعتُ يوسف بن أيّوب الهَمَذانيّ يقول: ما رأيت علويًّا أفضل منه. وأثنَى عليه.

وكان من الأغنياء المذكورين. وكان كثير الإيثار، ينفّذ كلّ سنةٍ إلى جماعةٍ من الأئمّة إلى كلّ واحدٍ ألف دينار أو خمسمائة أو أكثر، وربّما يبلغ مبلغَ ذلك عشرةَ آلاف دينار، ويقول: هذه زكاة مالي، وأنا غريب، ففرِّقوا على من تعرفون استحقاقه.

ويقول: كلّ من أعطيتموه شيئًا، فاكتتبوا له خطًّا، وأرسِلُوه حتَّى نُعطيه من عُشْر الغلَّة.

وكان يملك قريًا من أربعين قرية خالصة بنواجي كِش. وله في كلّ قرية وكيلٌ أوْفَى من رئيسٍ بسَمَرْقَند.

قلت: هذا من فرط المبالغة من السّمعانيّ.

ثمّ قال: سمعتُ أبا المعالي محمد بن نصر الخطيب يقول ذلك، وكان من أصحاب الشّريف. وسمعتُ أبا المعالي يقول: إنَّ الشّريف عمل بستانًا عظيمًا، فطلب ملك سمرقند وما وراء النَّهر الخضر خاقان أنْ يحضر البُسْتان، فقال الشّريف السّيّد لحاجب الملك: لا سبيل إلى ذلك. فألح عليه، فقال: لكنْ لا أحضُر، ولا أهيّئ آلة الفِسْق والفساد لكم، ولا أفعل ما يعاقبني الله عليه في الآخرة.

فغضب الملك، وأراد أن يمسكه، فاختفى عن وكيل له نحو شهرين، ونُوديَ عليه في البلد، فلم يظفروا به. ثمّ أظهروا النَّدم على ما فعلوه، فألحّ عليه أهله حتّى ظهر، وجلس على ما كان مدّة.

ثمّ إنّ الملك نفَّذ إليه يطلبه ليشاوره في أمر، فلمَّا استقرَّ عنده أخذه وسجنه، وأخذ جميع ما يملكه من الأموال والجواهر والضّياع، فصبَر وحمد الله، وقال: مَن يكون من أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا بدّ وأن يُبتَلَى. وأنا قد ربِّيت في النّعمة،