للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُسْمِعَني، ولا يكتب إجازة، فأوّل ما فاتحتُه الكلام خلّط في كلامه، وأجابني على غير سؤالي حَذرًا أنْ أكون مدسوسًا عليه، حتّى بسطتّه، وأعلمته أنّي من أهل الأندلس أريد الحج، فأجاز لي لفظا، وامتنع من غير ذلك١.

وقال ابن ماكولا٢: كان الحبّال مكثِرًا ثقة، ثبْتًا، ورِعًا، خيِّرًا. ذكر أنّه مولى لابن النُّعْمان قاضي قُضاة مصر.

وحدَّث عنه ابن ماكولا وذكر أنّه ثبَّته في غير شيء.

وروى عنه الحافظ أبو بكر الخطيب إجازة، ثمّ قال: وحدَّثني عنه أبو عبد الله الحُمَيْديّ٣.

وقد أتى الحبّال بعض الطَّلَبة، قبل أن يمنعه بنو عُبَيْد من الرّواية، ليسمعوا منه جزءًا، فأخرج به عشرين نسخة، وناول كلّ واحدٍ نسخةً يُعارض بها٤.

وقال الحافظ محمد بن طاهر: سمعتُ أبا إسحاق الحبّال يقول: كان بمصر رجلٌ يسمع معنا الحديث، وكان متشدّدًا. وكان يكتب السماع على الأصول، ولا يكتب اسم رجلٍ حتّى يستحلفه أنّه سمع الجزء، ولم يذهب عليه منه شيء.

وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: كُنَّا نَقْرَأُ عَلَى شيخٍ جُزْءًا، فَقَرَأْنَا قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ" ٥. وَكَانَ فِي الْجَمَاعَةِ رجلٌ مِمَّنْ يَبِيعُ الْقَتَّ، وَهُوَ عَلَفُ الدَّوَابِّ، فَقَامَ وَبَكَى، وَقَالَ: أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مِنْ بَيْعِ الْقَتِّ. فَقِيلَ: لَيْسَ هُوَ الَّذِي يَبِيعُ الْقَتَّ، وَلَكِنَّهُ النَّمَّامُ الَّذِي يَنْقُلُ الْحَدِيثَ مِنْ قومٍ إِلَى قَوْمٍ. فَسَكَنَ بُكَاؤُهُ وَطَابَتْ نَفْسُهُ٦.

قال ابن طاهر: كان شيخنا الحبّال لا يُخْرِجُ أصلَه من يده إلّا بحضوره، يدفع الجزء إلى الطّالب، فيكتب منه قدْر جلوسه، فإذا قام أخذ الأصل منه. وكان له بأكثر كُتُبه عدة نُسَخ، ولم أرَ أحدًا أشدّ أخْذًا منه، ولا أكثر كتبًا منه.


١ سير أعلام النبلاء "١٨/ ٤٩٧".
٢ في الإكمال "٢/ ٣٧٩".
٣ سير أعلام النبلاء "١٨/ ٤٩٨".
٤ سير أعلام النبلاء "١٨/ ٤٩٩".
٥ حديث صحيح: أخرجه البخاري "٦٠٥٦"، ومسلم "١٦٩/ ١٠٥"، وأحمد "٥/ ٣٨٢"، وأبو داود "٤٨٧١"، والترمذي "٢٠٢٦".
٦ سير أعلام النبلاء "١٨/ ٤٩٩".