للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان مذهبه في الإجازة أن يقدّمها على الأخبار.

يقول: أجاز لنا فُلان، أنا فلان، ولا يقول: أنا فلان إجازة.

يقول: ربّما تُترك إجازة، فيبقى إخبارًا، فإذا ابْتُدِئ بها، ولم يقع الشّكّ، فيه١.

وسمعته يقول: خرَّج أبو نصر السِّجَزيّ الحافظ على أكثر من مائة شيخ، لم يبق منهم غيري.

قال ابن طاهر: كان قد خرَّج له عشرين جزءًا في وقت الطَّلب، وكتبها في كاغدٍ عتيق، فسألت الجبال عن الكَاغَد، فقال: هذا من الكاغَد الّذي كان يحمل إلى الوزير من سَمَرْقَنْد، وَقَعت إليَّ من كُتُبه قطعة، فكنتُ إذا رأيتْ ورقةً بيضاء قَطَعْتُها، إلى أن اجتمع هذا القدْر، فكنتُ أكتب فيه هذه الفوائد.

قال ابن طاهر: لمّا دخلت مصر قصدتُ الحبّال، وكان قد وصفوه لي بحِلْيَتْه وسِيرته، وأنّه يخدم نفسِه، فكنتُ في بعض الأسواق لا أهتدي إلى أين أذهب. فرأيت شيخنا على الصّفة الّتي وُصِف بها الحبّال، واقِفًا على دُكّان عطّار، وكُمَّيه ملأى من الحوائج. فوقع في نفسي أنّه هو، فلمّا ذهبَ سألت العطار: هذا من الشّيخ؟ فقال: وما تعرفه، هذا أبو إسحاق الحبّال.

فتَبِعْتُه وبلغته رِسالةَ سعْد بن عليّ الزَّنْجَانيّ، فسألني عنه، وأخرج من جيبه جزْءًا صغيرًا، فيه الحديثان المسلسلان اللّذان كان يرويهما. أحدهما: وهو أول وهو أوّل حديثٍ سمعته منه.

فقرأهما عليَّ وأخذت عليه الموعد كل يوم في عَمْرو بن العاص إلى أن خرجتُ رحمه الله٢.

قلت: كان لقي ابن طاهر له في سنة سبعين وأربعمائة، وقد سمع منه القاضي أبو بكر الأنصاريّ في سنة ستٍّ وسبعين. وإنّما منعوه من التّحديث بعد ذلك.

٤٢- إبراهيم بن عثمان بن إبراهيم بن يوسف٣.


١ سير أعلام النبلاء "١٨/ ٥٠٠".
٢ سير أعلام النبلاء "١٨/ ٥٠٠، ٥٠١".
٣ التحبير في المعجم الكبير "٢/ ٣٦، ٥١".